فلم تنجح الجامعة في تعميم الدراسة باللغة العربية في جميع الكليات، وما كان لها أن تتغافل عن العمل ونحن في مستهل نهضتها القومية.
ثم مسألة الصلة بين الجامعة والخريجين لم تعمل الجامعة شيئاً في هذا الاتجاه، واقتصرت على الصلة بينها وبين طلبتها. بل أنه أحياناً نجد الصلة بين الأستاذ والطالب لا تتعدى ساعة المحاضرة لكن لا ينبغي أن ننكر ما في قسم الجغرافيا بكلية الآداب من نظم الحياة الجامعية الحقة، إذ ساعدت قلة العدد على توثيق عرى الروابط بين الطلبة والطالبات والأساتذة، هذا إلى جانب الرحلات أدى إلى تكوين (الأسرة الجغرافية).
ولا تزال ظاهرة الحفظ والتقيد (ببعض) ما جاء في كتب معينة، واضحة في بعض الكليات، مما جعل شبه استمرار للمدرسة الثانوية، ويبلد الذهن ويزيد من أمية المتعلمين.
والنقطة الهامة هي تأثير الجامعة بالسياسة الحزبية، فقد فشلت الجامعة فشلا ذريعا في تحصين أبنائها وبناتها ضد عبث الأحزاب المختلفة، فأصبح من السهل على قلة من المهرجين وفئة من الديماجوجيين أن يسمموا أفكار الشباب وأن يجرفوهم في تياراتهم، لم تخط الجامعة خطوات حاسمة في تعويد أبنائها التفكير الحر، ولم تبث فيهم روح التحمس الجدي للإصلاح، ولا يغرب عن بال ما دسته هذه الأحزاب من أفكار سامة لوث التعليم الجامعي إذ تدور حول الحقد والطمع والطعن في الغير بالحق وبالباطل.
ومع ذلك فقد لاح في الأفق بصيص من الأمل بتولي الدكتور طه حسين باشا أمور التعليم، وأصبح لجامعة فؤاد الأول أخوات ثلاث، نرجو أن تعمل كلها على تحقيق رسالة الجامعة في المجتمع، وأن توجه عنايتها للكيف لا للكم.
فإنا نعلق على همة الوزير الأديب آمالا كبارا ونرجو على يديه خيرا كثيراً.