أعيني جودا بدمع سرب ... على خير خندق لم ينقلب
تداعى له رهطه غدوة ... بنو هاشم وبنو المطلب
يذيقونه حد أسيافهم ... يعلونه بعد ما قد عطب
يجرونه وعفير التراب ... على وجهه عاريا قد سلب
ومن أجمل ما قالته المرأة من الشعر في هذه الغزاة ما أنشأته قتيلة بنت الحارث، تبكي أخاها النضر، وتعاتب الرسول:
يا راكبا، إن الأثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موافق
أبلغ بها ميتاً بأن تحية ... ما أن تزال بها النجائب تخفق
مني إليك وعبرة مسفوحة ... جادت بواكفها، وأخرى تخنق
هل يسمعني النضر إن ناديته ... أم كيف يسمع ميت لا ينطق
أمحمد، يا خير ضنء كريمة ... في قوامها، والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق
والنصر أقرب من أسرت وسيلة ... وأحقهم إن كان عتق يعتق
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه ... لله أرحام هناك تشقق
ويروي أن رسول الله لما بلغه هذا الشعر قال: (لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه).
كان شعر المشركين في جملته أقوى في تلك الغزوة من شعر المسلمين ولا غرو فإنهم كانوا موتورين، وكانت ريح الانتقام والغضب تفوح من شعرهم، حتى ليخيل إليك أنهم قد مضوا إلى الأخذ بثأرهم:
ويلاق قرن قرنه ... مشى المصافح للمصافح
وبعد فقد صور القرآن الغزوة تصويراً ألهيا، يتخذ منها دروساً وعظات لهداية البشر وإصلاح أمورهم، أما الشعر فقد تحدث عن عواطفه شخصية ليس لها طابع إنساني عام.
أحمد أحمد بدوي
مدرس بكلية دار العلوم جامعة فؤاد الأول