عرضت لها بالبحث والمراجعة فيما كتبته قبل ذلك من فصول، وبخاصة عندما تحدث عن ثقافة الطلبة الجامعين في هذه الأيام. . وإذا كان الأديب الفاضل يقص علينا بعض مشاهداته في جامعة فاروق، فأراد أن أقول له إن الحال لا تختل كثيرا في جامعة فؤاد. ولا في جامعة إبراهيم، ولن تختلف في جامعة محمد علي إن شاء الله!
إن ثقافة الجيل بوجه عام أمر يدعو إلى الأسف ويبعث على الرثاء، وليست أدري ما هي المعجزة التي يمكن أن تحدث حتى يقرأ الناس في نصر، سواء كانوا جامعيين أم غير جامعيين. . أشهد أن لي صديق يشتغل بمهنة التدريس في الجامعة فؤاد، لا يكاد يكف عن الشكوى مما يلقاه من جهل الطلبة بفنون العلم وشئون الحياة، ولا يكاد ينتهي من سرد الأدلة وضرب الأمثال وهو يحدثني عن طلبة الجامعة، هؤلاء الذين صدموه بالواقع المر بعد أن عاد إليهم دكتورا من جامعة باريس. . ويخبط الصديق كفا يكف وهو ينظر إلى ثائرا ويقول: يا أخي أقسم لك أنني كنت أعرف أسرة فرنسية صديقة، وما من أزور فيها هذه الأسرة إلا وتقع عيناي على منظر فريد، منظر الخادمة وبين يديها كتاب مفتوح، لا تكاد تلقي به إلا إذا دعيت لمطلب من مطالب البيت أو أمر من أمور المائدة. . وإذا حدثتك عن شغف الخادمة بالقراءة وولعها بالاطلاع، فلست بحاجة إلى أن أحدثك عن ثقافة السادة فهي في غنى عن كل حديث الخادمات في فرنسا يقرأن، وطلبة الجامعة في مصر لا يقرئون. . ألا تعذرني إذا ما ضقت ذرعا بمكاني في كلية الآداب؟!
لقد عذرته بالطبع. . ويقي أن يعذرني الأديب الفاضل إذا ما أرجأت طبع كتبي حتى تحدث المعجزة الثانية، وهي أن نرفع وزارة المالية هذه الحواجز السخيفة التي تحول بين الكتاب المصري وبين البلاد العربية. . إن الكاتب الذي يعتمد على مصر وحدها في توزيع كتبه يجب أن يكون من الأثرياء، ليستطيع أن يتحمل الخسارة المادية وهو يواجه أزمة القراء! أما عن بعض الكتب التي تباع بأكثر من ثمنها المحدد فهي ظاهرة لم أسمع بها من قبل. لقد كنت أفهم مثلاً أن يسلك الناشرون هذا الطريق إذا ما ساعدهم الجمهور القارئ وأقبل على آثار الكتاب، أما لن يلجأ إلى هذه الوسيلة وقراؤنا (الأفاضل) يؤثرون عصير البرتقال على عصارة الأذهان، فهذا هو الغباء الذي يفوق كل غباء!!
وللأديب المناوي أصدق الشكر على كريم تقديره، وأخلص التهنئة على أن دراسة الأدب