معاشاً شهرياً قدره ثلاثون جنيها. وقد حمدنا لك اهتمامك كاتبا ناقداً، وشكرنا لك همتك وزيراً عاملاً.
ولا شك أن عملكم في ذلك، كان له أطيب الأثر، لا لأنه خاص بأسرة أديب بعينه، وإنما لما يقرره من مبدأ وما يهدف إليه من خير لسائر الأدباء ولأسرهم من بعيد العمر الطويل الذي يثمر أدبا ينفع ويمتع، ولكنه لا يغني من جوع.
هذا مثل آخر يا معالي الباشا وعميد الأدباء، أسرة الشاعر الرواية والأديب المحقق المرحوم الأستاذ أحمد الزين، لست بحاجة إلى أن أعرفكم بشعره وجهده في خدمة الأدب بإخراج مراجعة وتحقيق روائعه، غادر هذه منذ أكثر من ثلاث سنوات وترك وليداً تكفله أيم، وهما منذ ذلك الحين يعيشان في كفالة الضياع والإهمال. .! كان الرجل قانعاً بكفاف العيش وبصيانة كرامته وأدبه عما يمس الكرامة ويشين الأدب ولو جلب نفعاً ومالً كثيرا. ولكن الأسرة الآن بعد فقد عائلها لا تجد غير العقوق والحرمان.
خدم الزين الحكومة نحو خمس وعشرين سنة، قضاها في دار الكتب المصرية، يكد ويشقى في إخراج نفائس الكتب، ويجازي بالأجر البخس يحسب له قريشاً في اليوم. . . لم ينصفه أحد حتى جاء (الإنصاف) فأنصف شهادته. .! إذ وضعه من أجلها في الدرجة السادسة!.
وليت أسرته تلقي الآن مثل ذلك! كل ما كافأتها به الدولة (مكافأة) لم تبلغ مائة جنيه قاسمتها الحكومة إياها. . وتركها تعاني ما تعاني من الحزن والبؤس والحرمان.
هذه محنة أخرى يا معالي الباشا وعميد الأدباء، ليس أمرها الآن عسيراً عليكم، ولست أنا في حاجة إلى أن أدعو الأدباء إلى التضامن وإجماع الأمر على التنغيص عليكم وتأريق ليلكم وجعل يومكم عسيراً. . . ولو احتجنا إلى أن نفعل لما ترددنا. . . ولكن الأدباء مطمئنون لأن واحداً منهم، وهو طه حسين بالذات، يلي الأمر، وأنا واثق من أن هذه المحنة ستنال عنايتكم، فأنتم ولا شك لم تعلوا بها حتى الساعة.
ذلك يا عميد الأدباء، وللأدباء، عندك حقوق أخرى سكنوا عنها إلى الآن، لأنهم كمن يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. . . ويؤثرون أن تفرغوا لمسائل التعليم وتيسيره وإنصاف أهله، ولكنهم يتوقعون من عميدهم عملا يذكى الأدب ويشجع المشتغلين به، وأنتم من أعلم الناس بما يلاقي الأدباء الذين لا يستظلون بحماية أحد، من عنت وعقوق