قيل أن الدكتور إبراهيم ناجي سيلقي محاضرة عن (الشعر العربي المعاصر) بنادي الخريجين المصري. وذهبنا نستمع إليه هناك، فألقي علينا محاضرة، أو - بتعبير أوفق - حدثنا حديثاً، لا يصح أن نعتبره في (الشعر العربي المعاصر) إلا إذا اعتبرنا أن هذا الشعر هو الدكتور إبراهيم ناجي وشعره لا غير. .
فقد بدأ بأن النقاد لا يحفلون بشعر المعاصرين، إذ لا يكتبون إلا عمن فارقوا الحياة، وهو يرى أن الشعر المعاصر ما قيل منذ عشرين سنة إلى الآن بخلاف الحديث الذي يرجع إلى خمسين سنة. . وأن الشعراء الأحياء (المعاصرين) لا يهتم بهم نقادنا. . . بخلاف المستشرقين الذين عنوا بدارستهم. . وذلك أن أحد الناشرين الإنجليز أخرج كتابا جمع فيه مختارات من أشعار هؤلاء الشعراء، والذي يهمنا مما احتواه هذا الكتاب - في حديث الدكتور ناجي - هو قصيدته (العودة) التي ترجمت إلى الإنجليزية وإلى الفرنسية فجاءت في الترجمة أحسن منها في الأصل العربي! كما قال الدكتور. . لماذا؟ لأن الشعر الإنساني هو الذي يصلح للترجمة، وليس كذلك سائر الشعر، فمثلا: دعت جريدة (الأهرام) في وقت ما الأدباء إلى ترجمة قصيدة (يا نائح الطلح أشباه عوادينا) لشوقي، فلم يستطع أحد أن يترجمها، والدكتور ناجي ممن حاولوا ذلك، لأنها - كما قال - لا تصلح للترجمة!
وهكذا سقط أمير الشعراء في الميدان أمام الدكتور ناجي في الجولة الأولى! وبقي أن يجول جولات أخرى يسقط فيها الباقين.
هناك أولا شعراء تنشر لهم (الرسالة) فيجب التخلص منهم، قال: لكي نعرف قيمة ما ينشر من الشعر (المعاصر) ننظر في المجلات الأدبية التي هي أهم ما يهتم به، وأهم هذه المجلات (الرسالة) في مصر و (الأديب) في لبنان، فلنقارن بين هاتين المجلتين من حيث ما ينشر بهما من شعر، قال ذلك ولم يقارن. . إذ بدا له أن يقصر المقارنة على (الرسالة)