من حيث ما كان ينشر فيها من قبل وما ينشر الآن، وكل ما قاله في ذلك، أن الرسالة كانت فيما مضى تنشر بها! ولم يعن الدكتور يذكر أسماء من أنت تنشر لهم الرسالة، فليس هو منهم. . أما الذين ينشرون بها الآن فهم في طريق الغارة التي يشنها بهذا الحديث على (الشعر المعاصر) والرسالة نفسها عقدة في نفس الدكتور. . ولذلك فإنه ليس في البلد نقد. . ألم يخرج ديوان ناجي فلم تكتب عنه الرسالة! ولعلة لا يذكر سبب ذلك، فقد أتى إلى دار الرسالة يحمل نسخة من هذا الديوان مشترطا ألا يطلع عليها نقاد الرسالة. وشكرنا له هذا الفضل! وليست الرسالة وحدها - فالحق يقال - هي التي أهملت ديوان ناجي (عملا بوصيته!) بل كذلك جميع الصحف والمجلات، خلا (عمود فقري) في إحدى الصحف. . و (العامود الفقري) من لفظة على سبيل النكتة. . ونذكر أن الدكتورة بنت الشاطئ هي التي كتبت عنه (عمودا) في الأهرام. ولم يفت الدكتور - في هذه النقطة - أن ينبه على أن العباقرة لا يلتفت إليهم في زمانهم، فشكسبير مثلا لم يعبأ به الإنجليز في حياته، ثم كشف عنه الألمان ولكنا نرى أن الدكتور إبراهيم ناجي ليس كذلك. . فالناس يلتفتون إليه ويهتم كثير منهم بشعره، حتى لقد استنفذ ما يستحق من ذلك.
ويتابع الدكتور إبراهيم ناجي حديثة عن (الشعر المعاصر) أو حملته عليه ليقضي على البقية الباقية، وليثبت في النهاية أنه هو الشعر المعاصر. . . فيقول: يتجه الشعر العربي الآن اتجاهين رئيسيين، يسير في الاتجاه الأول طبقا للمذاهب الأدبية المعروفة، والثاني يتمثل في محاولة خلق شعر حديث اجتماعي يوافق العصر الجديدة ويتصل بالجماهير. فالمذاهب التي يسلكها الاتجاه الأول هي التقليدية اللفظية (الكلاسيكية) التي تعني بالألفاظ (القاموسية) والدلالة المباشرة للكلمات دون التفات إلى روح الكلمة وظلالها، ويمثل هذه (الكلاسيكية) الآن في مصر، الأسمر، وأتى ببعض شعره الذي لا تجد فيه إلا (الكليشهات) المرددة التي لا روح فيها.
ثم المذهب الخيالي (الرومانسية) المشبع بروح المراهقة ولم يذكر لهذا المذهب أحداً من شعراء مصر، بل قال أنه يتمثل في شعراء الشام لتأثرهم بالأدب الفرنسي.
ثم الرمزية (السمبولزم) التي يمثلها في مصر الدكتور بشر فارس، وقال إن الدكتور نقل غموض الرمزية إلى مصر ولم ينقل جوهرها.