فقال بعضهم إنها صدقة تطوع، وذهب آخرون منهم ابن حزم إلى أنها واجبة وأن على كل من عند فضلة مال أن يعين بها من هو في حاجة إليها، ويجب على أغنياء البلد أن يعولوا كل من فيها من الفقراء العاجزين عن الكسب.
وعرضت بعد ذلك لتطبيق تلك المبادئ في الحياة الإسلامية فذكرت بعض ما جاء في تاريخ الخلفاء كالوليد بن عبد الملك، من اهتمامهم بأمر العاجزين عن الكسب وترتيب الأرزاق لهم ثم تحدثت عن قضية وقعت في صعيد مصر سنة ١٩٢٠، تتلخص في أن امرأة غاب زوجها غيبة منقطعة وتركها هي ووليدها الصغير دون مال أو عقار، فتقدمت إلى محكمة نجع حمادي الشرعية طالبة الحكم لها ولابنها بنفقة على زوجها الغائب والحكم لها بالاستدانة، على أن تدفع وزارة المالية باعتبارها بيت مال المسلمين النفقة المطلوبة وتعتبرها ديناً على المحكوم عليه تستقضيه إياه حينما يظهر. . وحكم لها القاضي بذلك، وكان القاضي هو فضيلة الأستاذ الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري. وجاء في حيثيات الحكم أن وزارة المالية في بيت مال المسلمين الذي تجب فيه نفقة هذه المرة الضعيفة وولدها الصغير العاجز عن الكسب، لو لم يكن لها عائل، وجزعت وزارة المالية من هذا الحكم لأنه يفتح بابا ينقذ منه جميع من في القطر المصري من أرامل وعجزة وأيتام وغيرهم من المحتاجين العاجزين، واهتمت وزارة الحقانية بالأمر فعهدت إلى تفتيش المحاكم الشرعية أن يبحثه. . وبحث (التفتيش) المسألة وأصدر منشوراً إلى المحاكم الشرعية ألا تنظر في أمثال هذه الدعوى لأن القضاء غير مختص لها، وأمر (التفتيش) بعدم تنفيذ ذلك الحكم لأن تنفيذه، مع ما يستجد، يؤدي إلى إفلاس بيت مال المسلمين.
وبعد انتهاء المحاضرة أجابت الدكتورة على عدة أسئلة وجهت إليه منها هذا السؤال: ألا يعتبر الإحسان إلى الفقير إذلالاً له؟ قالت: أنه حق، وليس معنى الإحسان الإذلال، قال الله تعالى (وبالوالدين إحسانا) وقال: (فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بإحسان).