وأثره في الإمتاع الروحي وترقية النفوس وما إلى ذلك، من الكلام المقرر المعاد. أما استخدام الموسيقى في اللهو الرخيص من حيث ما يصاحبها من غناء مبتذل ورقص مثير، فهو أمر آخر لا ينبغي أن نخلط بينه وبين الفن الموسيقي العالي.
أما ما كتب عن اتخاذ الموسيقى في ترتيل القرآن والخطب الدينية والأذان فهو كلام يعمد إليه بعض زملائنا الصحفيين لإطراف القراء وإتحاقهم بما يلفت الأنظار ويجدد النشاط للقراءة. . وإذا كان الكاتبون الداعون إلى ذلك جادين في دعوتهم فإنهم ولا شك بعيدون كل البعد عن روح الإسلام وثقافته، وليس كل ما يعمل في الأديان الأخرى يلائم ديننا، وإن آفتنا الكبرى هي التقليد. . . وكما جانب الأديب صاحب الرسالة الصواب في طعنه على الموسيقى، كذلك بعد عنه أولئك الدعاة كل البعد، فإن النصوص الإسلامية من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وأذان وخطب وغيرها - لا يقصد الانتشاء والاستمتاع، كما يقولون؛ إنما هو كلام موجه إلى العقول والإفهام لتعي ما يرمي إليه وتعمل بمقتضاه، فإذا صاحبته الموسيقى تحيف الانتباه إليه وشغلت عن مراميه. ولعل شيئاً من ذلك واقع بالفعل إزاء ما يصنعه الآن أكثر قراء القرآن من تكسر وتطريب باسم التجويد، حتى أصبحت غاية الناس مع سماع القرآن أن يطربوا لأنغام القارئين. وأما أبشع الأصوات المنكرة التي نسمعها من الحفلات المذاعة، تلك الأصوات لتي تتعالى بالاستحسان فتنطق بعبارات عجيبة ولهجات غير لائقة، كذلك الذي يجأر في خطاب القارئ: يا حلو يا حلو!
وما ذلك إلا للاتجاه بالقراء نحو التنغيم والتطريب، فما بالك إذا صحبها العزف والطرب. . إن القرآن لم ينزل لمثل هذا، إنما أنزل لإبلاغ ما تضمنه إلى الإفهام، فهل نحيد به إلى الأنغام و (الانسجام)؟