ليس فيه، ثم أتى البلاغيين يدفعون قولهم، قضية مفترضة لا تحتاج إلى جهد أو عناء. . . القرآن في ذروة البلاغة، هذه قضية نسلم جميعاً. فعلى النجاة يريدون أن يخضعوا القرآن لقواعدهم أن يعدلوها بما يسايره، دون أن يضطرونا إلى التأويل والتخريج، وإلا فهم الواهمون!. .
أما (التشبيه في القرآن (ص١٨٧) فأثمن ما في الكتاب وأجدر فصوله بالاطلاع فيما استنوه للتشبيه من قواعد، فمضى يهدمها في رفق وهدوء وأناة. ولكنه لم يذر لهم مما قننوا شيئاً. فليس صحيحاً أن أبلغ التشبيه على النفس وشعورها به سروراً أو ألماً، وهو كلام صحيح قوى إلى حد بعيد!
وشبيه بهذا (التصوير بالاستعارةص٢١٧)(ومجازات القرآن ص٢٢٣) والأسلوب القرآني ص٢٤٤) وفي كل منها دراسة قيمة وعرض جذاب لم يسبق إليه!. .
ثم تأتي (القصة في القرآن ص٢٦٧) عرضها لنا الأستاذ الفاضل تفسيراً، لم يعرض لمشكلة القصة ذاتها من قريب أو بعيد، قصة صدقها حرفياً، هل هي وقائع حدثت كما صورها القرآن تماماً؛ فلم يتصرف فيها بحذف أو زيادة، وفقاً لما يهدف إليه من عظة واعتبار؟. .
وأخيراً يعرض (لبعض صور الحياة الجاهلية) في القرآن (ص٣٧٩) ونحن نعلم أن الإسلام جاء فشوه وهدم كل ما هو عربي وثنى، وكان نقده وتقريعه منصبا على رءوس المسائل الكبرى وأصولها، أما جزئياتها، أما حسنات هؤلاء القوم، فقد سكت عنها القرآن سكوتاً تاما، لا. . . بل يبدو أن الإسلام كان عاملا في القضاء على التاريخ الجاهلي بحسناته وسيئاته على السواء، فلم يعرف عنه أي شيء، وظل العرب الأول والمعاصرين مولد الإسلام، شعباً بلا تاريخ والعقبة الكبرى هي الوصول إلى هذه الحقائق، وعلى ضوء ما يتكشف منها، يكون التفسير للآيات القرآنية التي عرضت للحياة الجاهلية، وتبين ما فيها من بلاغة وإعجاز، أما السماع للحجج من طرف واحد، فيجعلنا عاجزين عن فهم كل شيء.
وبعد. . . فقد تختلف في الرأي، ونتباعد في النظرة، ولكنا نلتقي دواماً عند هدف واحد، علمنا أستاذنا إياه، هو أن نقول كل ما نعتقد حين نعرض لشيء جديد، بالروح السمحة التي