ثم هذه الآية التي عرض لها (ص٦٢) ثم غفل عن المشكلة التي صحبها، من يوم أن قرأها المسلمون حتى اليوم، آية (إن هذان لساحران) ماذا وراء هذا الرفع المنصوب؟ أهي لغة أهي لهجة؟ إنها لم ترد في القرآن على هذه الصورة إلا مرة واحدة، وما كنت أريد بتعرضه لها أن يعيد على أسماعنا تأويلات النجاة الفجة، وإنما كنت أريد لها تفسيراً جديداً ي ظلال الإمكانيات الواسعة التي يتمتع بها العالم الآن!
وفي فصل (الفاضلة) بحث قيم مفيد، ونهج جديد مشكور، ولكن محاولة إخضاع الفواصل في طريقها لقاعدة، أجهدت الأستاذ كثيراً، ثم انتهينا إلى لا قاعدة، ففي (ص٧٧)(وإن يريدوا خيانتك فقد خالوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم) فهو عليم بخيانتهم، حكيم في التمكن منهم. ترى لو استبدلنا العلم بالعزة، فقلنا (والله عزيز حكيم) عزيز لا ينال، حكيم في التمكن، هل يحدث ارتباك ما؟ هل يشعر القارئ أن هنا لفظاً مضطرباً؛ أو كلمة قلقة، أو معنى غير موائم؟. .
وفي فصل (الغريب) جملة تحتاج إلى شيء من التقدير (ص٨٩)(فكان العرب في عصر نزول القرآن يمضون إلى كبار الصحابة، يسألونهم عن المعاني، مستشهدات بأبيات الشعر. والواقع أن قدرة الصحابة على فهم القرآن لم تكن في درجة واحدة: فكان منهم المثقف ثقافة أبية ممتازة، لم يكن ما نسميه الآن غريباً بغريب عند هؤلاء الذين تجداهم القرآن، فلم يكن استخدامه حينئذ معيباً ولا مستكرها، ومثال ذلك استعمال عباقرة الشعراء ألفاظاً يعرفها جمهور المتأدبين، ويتذوقون جمالها، وإن كانت دائرة على ألسنة العانة) فكيف كان بعض العرب يمضون إلى الصحابة يسألونهم عن الغريب، وكيف أن ما نسميه غريباً لم يكن بغريب عند هؤلاء الذين تحدهم القرآن؟ ويستشهد أستاذنا لقضيته بما يستعمله عباقرة الشعراء، وهو قياس مع الفارق الكبير، فلم تكن هناك فوارق شاسعة بين لغة الأدب ولغة المحادثة، ولم تكن هناك لغة خاصة وأخرى دراجة، وحين نفترض الشاسع بين اللغتين، تكون المشكلة التي تعرض لنا أضخم وأدق، هؤلاء العامة الذين لم يكونوا يلمون بالعربية حقا ليسوا أهلا لأن يتحداهم القرآن، لأنهم لا يملكون وسائلة.
وفصل (الزائد)(ص٩٥)، ولكن، من الذي أوصل النجاة إلى ذلك؟ وضعوا قواعد، فلما اصطدمت هذه الكلمات بما قصدوا، فلم يعترفوا بعجز أو تقصر، وإنما نسبوا إلى القرآن ما