يعتبر محرراً للعبيد، مدافعاً عن الإنسانية المظلومة.
وإن شدة الرغبة في الإصلاح الاجتماعي هي التي جعلت (شارلز ديكنز) أكبر كاتب ومصلح اجتماعيبإنجلترا في القرن التاسع عشر. وإن الرغبة في شراء أسهم قناة السويس بعد التأكد من فائدتها هي التي خلدت ذكرى (دزرائيلي) بين الإنجليز، وجعلته يعمل بكل ما أوتي من قوة على تنفيذ الشراء مع شدة ما لقي من معارضة في مجلس الأمة، ومن معارضة مدير مصرف إنجلترا، وإن الرغبة في أعمال الآلات هي التي جعلت (أديسون) أكبر مخترع في القرن العشرين، والأمثلة كثيرة لا حصر لها.
فبغير الرغبة لا يستطيع الإنسان أن يقوم بعمل عظيم في الحياة. فإذا أردت القيام بعمل من الأعمال - سواء أكان ذلك العمل دينياً، أم اجتماعياً، أم أدبياً، أم علمياً، أم فنياً، أم حربياً - فأوجد الرغبة الصادقة وهي كفيلة بالتنفيذ والنجاح في ذلك العمل.
والرغبة نوعان: مباشرة وغير مباشرة؛ فالمؤلف الذي يؤلف كتاباً، أو يكتب مقالة لصحيفة يومية، يجب أن يكون تأليفه وكتابته عن رغبة حقيقية إذا أراد أن يكون لعلمه قيمة علمية أو أدبية، فالرغبة في العمل هي الشرط الأساسي للتقدم والنجاح فيه. ولكن هل الرغبة وحدها تكفي للنجاح؟ الحق أنها لا تكفي، بل ينبغي أن يكون هناك بعض التشجيع الأدبي أو المادي؛ لأن المؤلف أو الكاتب قد لا يكتب حباً في الكتابة فحسب، بل قد يكتب ليعيش، أو ليحصل على ضروريات الحياة أو كمالياتها. فهو ينتظر تشجيعاً، ويجب أن يشجع بتقدير عمله وإعطائه ما يستحق وحينما توجد الرغبة المباشرة الطبيعية في العمل، ثم تصحب برغبة أخرى غير مباشرة كالربح المادي أو المركز الأدبي فإننا لا نتردد أن نقول: إن النشاط يتضاعف والاجتهاد يستمر والعمل يزداد حسناً، ودواعي النجاح تكون أقوى وأشد، لأن الرغبة متوفرة من كلتا الناحيتين المباشرة وغير المباشرة.
ولا ننكر أن المثل الأعلى هو أن نعمل حباً في العمل، ونؤدي الواجب رغبة في أداء الواجب، ونقوم بالشيء من غير أن ننتظر جزاءاً أو شكوراً، ولكن من حيث أن الإنسان إنسان فهو يفكر دائماً في النتيجة، وفيما يعود عليه من المنفعة والمكافأة على العمل، وهذه المكافأة نوع من التقدير يشجعه على العمل، ويدفعه إلى أدائه كما ينبغي وكما يجب أن يكون، وكلما كانت المكافأة قيمة زادت الرغبة فيها وكثر التلهف عليها والعمل على نيلها.