للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لهذا الكتاب قدرته لمدارس البنات.

والأدب عند أنطوان الجميل غاية لا وسيلة فما كان يدور بخلده يوما من الأيام أن يتكسب منه، وكذلك أن يكون من الأيام أن يتكسب منه، وكذلك قنع أن يكون مترجما في وزارة المالية لقاء أجر صغير، ثم سما به المنصب حتى استقال من خدمة الحكومة وهو (سكرتيرة) للجنة المالية.

ولتركه خدمة الحكومة قصة طريفة لا بأس من إيرادها فقد قصها علينا بنفسه في مجلس المونقة إذ غدا عليه ضحى يوم من الأيام المغفور له جبريل تقلا باشا وطلب إليه أن يستقبل من وزارة المالية ليعمل لتحرير صحيفة الأهرام خلفا للمرحوم داود بركات. فأجاب الجميل. وأبن أنا من داود بركات؟ دعني في عملي هذا ولا تحاول أن (تكشفني) ولا تفضحني بين! ودام الجدل بينها ساعة وبعض ساعة بغير إقناع ولا اقتناع، وإذ سقط في يد تقلا باشا قال لصاحبه؛ اعطني ورقة بيضاء. ثم مضى يكتب فيها شيئا لم يتبينه أنطوان، وبعدئذ استأذنه في الانصراف فلما سأله عن غايته أجاب بأنه يريد لقاء وزير الملية، وألحف عليه في الرجاء عن الغاية التي يريد من أجلها لقيا الوزير، فأجاب تقلا في انفعال شديد أريد أن أقدم إليه استقالة (أنطوان بك الجميل) فذعر أنطوان بك وقال لصاحبه بقوله: لقد كتبت الاستقالة ووقعتها باسم (أنطوان) الجميل وسأرفعها بنفسي إلى الوزير، وما عليك إلا أن تطعن بالتزوير وتطلب محاكمي لأني مزور!.

وبكى عندها أنطوان الجميل كما لم يبك في حياته ومضى مع صاحبه إلى الوزير المالية حيث رفع إليه استقالته ليتولى من غده العمل في الصحافة حتى أودت به الصحافة!.

والحق أن أنطوان الجميل سما بالصحافة وأحدث بها تقاليد بقيت ما بقى حيا، فلما انتقل إلى الدار الآخرة انتقلت معه - وا أسفاه - إلى الدار الآخرة!.

ومن هذه التقاليد إلا نتعرض صحيفة لما كتبه صحيفة أخرى بالتكذيب أو التنفيد، وأن ينشر الخبر على علاته دون تذييل أو تعليق وللقارئ أن يفهم منه ما يشاء، وأن تقدم لمصلحة العامة على السبق الصحفي فما يضير الصحيفة المتزنة التي تحترم نفسها أن تروج يوما وتبور يوما مادامت المصلحة العامة لم تمس في قليل ولا كثير. وأذكر في هذا السبيل أني أزوره في ليلة من الليالي أزمة سياسية حادة وجئ له ببرقية مطولة أرسلها مراسل

<<  <  ج:
ص:  >  >>