كل هذه الثورة قذفتها على العالم، على هذا الكون المائج بالخبائث والمنكر، وأنا لا أوال على المقعد لا أريم؛ عند ذاك قمت من مكاني وأنا في أشد حالات الهياج والسخط، قمت لأصب غضبي، لأقذف شتائمي ولعناتي. . . ولكن على من؟ وليس أمامي غير هذا الجسد النضو الطليح، غير هذه الضحية البريئة التي تحركت من مكانها ونهضت جالسة حين أحست بخطواتي تقترب منها. . . وجلست بقربها، وأخذت أحدق بعيونها، فوجدتها جميلة أخاذة، يشع منها بريق فيه ذل الوضيع، فيه ثورة المتكبر! وعلى قسماتها لاحت ومضات إنسان ثائر تلتمع من تحت رمادها جمرات من أنوثة ملتهبة!
وراحت تحدثني حديثاً عابراً لا شيء فيه، فكأنها اطمأنت إلى هدوئي ودعتي، وكأنها استقرت على رأي قاطع، تكهنت في أمره فلم أظفر بهذا القول الذي قطع على تصوراتي، قالت وهي تبتسم ابتسامة مغتصبة:
- بربك. . . خبرني ماذا تريد؟! لقد حيرتني. . .
فأجبتها وأنا على حيرة من موقفي هذا:
- جئت لأعرف قصتك!.
قلتها وأنا متهيب، فأجابت على الفور:
- قصتي؟!
وانفلتت منها ضحكة تخيلتها عواء مبحوحاً انطلق في جوف ذلك الليل المختنق الأنفاس، ثم أردفت وهي عابسة:
- قصتي. . . هذا بديع. . . إذن أنت لم تطلب مني لذة الجسد.
- لا. لا. . . أريد قصتك، الحقيقة أصارحك القول جئت أول الأمر في طلب اللذة، ولكنني الآن عدلت عن رأي، فلم أطلب منك شيئاً غير قصتك. . . وكفى.
وراحت تتفرس في وجهي. . . وكأنها تريد أن تنفذ إلى أعماقي لتستجلي السر الدفين الذي دفعني لأن أطلب منها هذا الطلب اليسير! ولما اطمأنت إليَّ وعرفت صدق قولي ونبل غايتي، ابتسمت قائلة:
- إذن سأكشف لك عن جراح قلب أدمته الأيام. . . قصتي أيُها الصديق تتلخص في سطور قليلة، ولا حاجة هناك للشرح الطويل والمقدمات المسهبة: تزوجت من شاب أحببته