وأحبني. . . وبقيت سعيدة هانئة في ظلال الزوجية. . . ومرت ثلاثة أعوام كلها صفاء وبلهنية!. ومن ثم ضحكت الأقدار هازئة ساخرة، وانقلبت الكأس الحلوة، فانثالت قطراتها على اليباب!. مات زوجي مصاباً بالتدرن الرئوي وتلفت حولي فلم أجد فسخة من الأمل المنتظر، لم أجد في هذه الحياة من أركن إليه وأستظل تحت جناح رحمته، لم أجد من ينقذني مما أنا فيه. وأظنك ستسألني عن أهلي. لقد مات أبي بعد زواجي بأيام قلائل، وتبعته أمي بعد عام واحد. . . أجل لقد بقيت وحدي ضالة شريدة، حتى التقطني رجل فاجر سكير، كان قد افتتح له محلاً في شارع (الرشيد)، وقد أطلق على محله (وسيط الخدم). . .
- وسيط الخدم!!
- أجل. . . وهذا الوسيط باعني بدوره إلى تلك السمسارة التي رأيتها عند دخولك هذا المكان وهي جالسة عند الباب الداخلي وتراني ملهاة لكل من ينهد الإثم والخطيئة، أغوص في هذا المستنقع العفن، هالكة مع رغبات الرجال، أمنح نفسي لطلاب اللذة والجسد، وللكلاب المنتشرة الحائمة على الجيف، أرافق فرسان الضباب في غزواتهم ونزواتهم!.
انتهت من قصتها وأنا أتطلع إلى وجهها الذابل وقد التهبت خلفت هذا الذبول تلك الشعلة التي اعتصرتها أصابع الزمن، وخنقتها أحضان الفجور. . . فأطرقت خجلاً وحياء. . . ممن؟! لا أدري!! ولكنني شعرت بأنني أغوص إلى أذني في العار والإثم، وأنا أسمع من بعيد ضحكات عريضة مجهولة تتجاوب في أنحاء الغرفة!. تلك كانت ضحكات الشيطان!
ونظرت مرة ثانية، إلى تلك المرآة المصدئة. . . فرأيتها. . . يا للعجب! قد انجلى الغبار عنها، وتساقطت تلك الأقذار التي كانت تغطي وجهها الصقيل، فإذا بها تتلألأ بأنوار ساطعة ولمعان غريب، ينفذان إلى الأعماق. وسقطت نظراتي هادئة رخية، ورحت أتفرس في قسمات وجهي. . . أحقاً ما أرى؟ أراها مشرقة لامعة، تشع بأنوار زاهية، ببريق ساحر أخاذ لم أعهده منذ زمن بعيد. . . منذ عشر سنوات، عندما كنت، في ذلك الزمن: أدرج في النور، وأتعشق الهدوء والاستقرار، كالطفل البريء ببسمتي الضاحكة وأساريري المشرقة. . أجل كنت هكذا قبل أن أخوض هذا الخضم المتلاطم، قبل أن تجتاحني أنواء الزمن العاصفة، قبل أن اشترك في معركة هائلة، أصبحت فيها حليف الشيطان وعبد شهواته،