(يا أيها الكتاب المعجز، لقد هلك من يدرك فصاحتك، ويكتنه بلاغتك، ويقدرك حق قدرك، لقد هلك من كنت تتلو عليهم آياتك فيدهشون ويخرون سجداً وبكيا. وهل يعرف بلاغتك المعرفة البالغة إلا عربي قح صليب لم تشن ملكته العربية من العجمة شائنة ولم تؤذ أذنه كلمة قلقة)
وبعد فقد عرفت إسعاف عندما استظهرت أول مقطوعة من بستانه في مدارس فلسطين؛ ثم امتد بي الزمن فالتقيت به وعرفته محدثاً ومحاضراً وكاتباً وخطيباً مفوهاً يستحوذ على القلوب ويلعب بالعواطف، وكان إعجابي به يتزايد وتقديري له يعظم؛ ولكني دهشت للجهد الجبار الذي بذله في إخراج كتابه (الإسلام الصحيح) الذي تفضل بإهدائه إلي منذ عشرة أعوام.
لقد أخرجت مطبعة العرب في القدس هذا الكتاب سنة ١٣٥٤هـ وقد ذكر فيه المؤلف بعض المراجع، وأخذت أنا أحصي ذلك البعض فإذا به لا يقل عن مائتي مرجع في شتى العلوم والفنون من لغة وأدب وتاريخ وملل ونحل وفقه وشريعة وأصول، ولما تصفحت الكتاب وجدت في ثنايا صفحاته مراجع أخر غير التي ذكرت قبلاً فلم أستطع تجاه ذلك المجهود إلا أن أحني هامتي إجلالاً واحتراماً لتلك القدرة على الدرس والبحث والاستقصاء التي قلما تتهيأ لكثير من الناس.
ولقد صدر الفقيد ذلك الكتاب الذي نفدت طبعته بمقدمة صغيرة جاءت آية في البلاغة والإعجاز وبرهان صدق على تمسك الفقيه بدينه، واعتزازه بيقينه؛ إذ يقول عن الإسلام (الإسلام هو دين الحق. ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ومحمد خير الخلق وهذا الكتاب وهذا الأثر وهذا تاريخ البشر فاقرأ كتاب كل دين وانظر أثر كل عظيم وفتش صحف التاريخ واحكم إن كنت من الحاكمين. هات، هات وهيهات أن تجد مثل القرآن وحياً أو رقيماً، واذكر نظير محمد نبياً أو عظيماً إن تذكرت أو تفكرت ونقبت وحققت فمثل القرآن كتاب الله مات أوحى الله وما أنزل، ومثل محمد (صلى الإله على محمد) فمثل محمد في الدنيا ما كان ومثل محمد في العالم لن يكون) ويتحدث عن القرآن فيقول:
الضياء قد بهر إشعاعه في حروف وكلمات، والكهربية إلهية تسري في عبارات،