للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحضارة الأوربية) إذ قال إن الآراء الفلسفية التي قال بها أمثال الفارابي والكندي وابن سينا والغزالي وابن رشد وابن طفيل - لا تعد غريبة كل الغرابة عن مذاهب العصر الحديث لأنها لم تخل عن آراء تكلم فيها أساطين الفلسفة الإسلامية وعرضوا لها إما بالإسهاب أو بالإيجاز) وقد قال العقاد بعد ذلك ومن المشابهات غير البعيدة (أي بين آراء القدماء والمصريين) ما يصح أن يسمى الطور الأول لمذهب التطور (الذي نسب إلى داروين وكتابه أصل الأنواع) وقد عبر عنه الفارابي حيث قال في آراء أهل المدينة الفاضلة مفسراً لأقوال المعلم الأول إن ترتيب هذه الموجودات هو أن تقدم أولاً أخسها ثم الأفضل فالأفضل إلى أن تنتهي إلى أفضلها الذي لا أفضل منه. فأخسها المادة الأولى المشتركة والأفضل منها الأسطقسات (وهي الأصول والعناصر وهي على زعمهم الماء والتراب والهواء والنار) ثم المعادن ثم النبات ثم الحيوان غير الناطق وليس بعد الحيوان الناطق (أي الإنسان) أفضل منه. وقد تقدم لديترصي أن أعتبر الفارابي المؤسس للفلسفة العربية ويظهر أن هذا الرأي لم يقتصر على ذلك الكاتب الغربي فقد شاركه فيه بعض المؤلفين في الشرق فقد جاء في كتاب (دروس في تاريخ الفلسفة) في رأينا أن الفارابي (٩٥٠م) على الرغم من جهل الناس به هو الأب الحقيقي للفلسفة الإسلامية فقد شاد بناءها وألم بأجزائها الرئيسية رابطاً بعضها ببعض ولا نكاد نجد فكرة عند خلفائه إلا ولها أصل لديه، وكل ما لهؤلاء من فضل غالباً أنهم وضحوا غامضه وفصلوا القول فيما أجمله. ويخيل إلينا أنه أعرف فلاسفة الإسلام بتاريخ الفلسفة لذلك نراه يتحدث عن المدارس اليونانية وبين الفوارق التي تفصل كل واحدة منها عن الأخرى ويحاول التوفيق بين أفلاطون وأرسطو طاليس (فيلسوفي يوناني في رأيه بلا جدال) وقد ألف كتباً عدة بعضها شرح لمؤلفات أرسطو طاليس أو مختصرات لها وبعضها الآخر كتبه ابتداء ليعبر به عن رأيه وبحثه الخاص وما وصلنا من هذه الكتب كاف لتفهم نظريته) وفي كتاب (نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس) أن الفارابي التركي الحكيم المشهور صاحب التصانيف المشهورة في المنطق والموسيقى وغيرهما من العلوم كان من أكبر فلاسفة المسلمين ولم يكن من بلغ رتبته في فنونه ويقول الأستاذ محمد فريد وجدي في (دائرة المعارف) الفارابي أبو نصر التركي الفيلسوف المشهور هو أكبر الفلاسفة الإسلاميين له تصانيف عديدة في

<<  <  ج:
ص:  >  >>