للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أنه كان له جملة كتب ومؤلفات ضاعت من العالم الإسلامي فيما ضيع من كتب علمائه وفلاسفته بتأثير النكبات وغزوات التتار.

والحروب والفتن الداخلية وقد لاقت كتبه مقاومة عنيفة من الغزالي وأنصاره ومن ابن تيمية وأتباعه ومن الحنابلة الذين لعبوا في بغداد أدواراً مهمة في اضطهاد الفلسفة. ويؤيد ما تقدم من ضياع كثير من مؤلفات الفارابي ما وجدته في كتاب (فصول الحكماء) إذ يروي مؤلفه محمد أبو الهدى الصيادي الرفاعي عن البيهقي أن للفارابي كتباً كثيرة يجهلها الناس وقد قال إن العلامة ظهير الدين البيهقي رأى في خزانة نقيب النقباء بلري كتباً كثيرة من مؤلفات الفارابي لم تطرق سمعنا وهي بخط الفارابي) وهذا مما يؤيده العقل إذا رجع إلى الأسباب المتقدمة.

والحق أن الناس قد تحدثوا كثيراً عن مكانة الفارابي في الفلسفة. قال الأستاذ مصطفى عبد الرازق يقولون الحكماء أربعة اثنان قبل الإسلام وهما أفلاطون وأرسطو، واثنان في الإسلام وهم أبو نصر الفارابي وأبو علي ابن سينا. وكان بين وفاة أبي نصر وولادة ابن سينا حوالي ثلاثين سنة وكان أبو علي بن سينا تلميذ لتصانيف الفارابي يعترف أنه لولاهما لما اهتدى إلى فهم ما بعد الطبيعة. وكما لقب أفلاطون بالحكيم الإلاهي وأرسطا طاليس بالمعلم الأول لقب الفارابي بالمعلم الثاني وابن سينا بالشيخ الرئيس وآراء الناس مختلفة في تقديم الفارابي أو ابن سينا. يقول ابن خلكان عن الفارابي (وهو أكبر فلاسفة المسلمين ولم يكن منهم من بلغ رتبته في فنونه والرئيس أبو علي بن سينا المقدم ذكره بكتبه تخرج وبكلامه انتفع في تصانيفه) أما الشهرستاني فيقول عند الكلام على فلاسفة المسلمين (ومنهم الفارابي وإنما علامة القوم أبو علي ابن سينا) فهو إذن يقدم ابن سينا على من اعتبره ابن خلكان أستاذه.

وهذا ابن سبعين الفيلسوف الصوفي الأندلسي الذي يقال أنه انتحر بمكة شوقاً إلى الاتصال بالله سنة ٦٦٩هـ ويقول في كتاب له مخطوط ما نصه نقلاً عن المجموعة التي نشرها الأستاذ ماسنيون المستشرق الفرنسي المعروف (وأما الفارابي فقد اضطرب وخلط وتناقض وتشكك في العقل الهيولاني وزعم أن ذلك تمويه ومخرفة ثم شك في النفس الناطقة هل غمرتها الرطوبة أو حدثت بعد وتنوع اعتقاده في بقاء النفوس بحسب ما ذكر في كتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>