فإنك لم تطالب باعتذار ... وهب أن الممالك في دمار
أليس بناء (بلدز) بالمشيد
ظل الرصافي على هذه الحال تغلي عواطفه في صدره بمقاومة الظلم وتتطاير قذائف حقده على الاستبداد والخسف بنظم القصيدة في بغداد ويرسلها للنشر في مصر حتى تم الانقلاب العثماني وسقط عبد الحميد عن العرش فصاح بصوت جهوري:
قمنا على الملك الجبار نقرعه ... بالسيف منصلتاً والرمح مهزوزا
حتى تركناه في هيجاء معضلة ... ألقت ضراماً على الطائفين مأزوزا
إنا لنأبى على الطاغي تهضمنا ... حتى نهوز في الهيجاء تهويزا
ونأكل الموت دون العز نمضغه ... كمضغنا التمر برينا وسمربزا
لا عاش من لا يخوض الموت مرتضيا ... بقاءه بعصى الذل موكوزا
صاح الرصافي صيحته في وجه الجبار الهاوي عن العرش والتفت يتغنى بالحرية والعدالة والمساواة ويشيد بذكر الدستور وأبطال الانقلاب غير مفرق بين عنصر وعنصر من مجموع العناصر العثمانية حتى رأى الاتحاديين يبيتون ضد العرب ورأى العرب يتنبهون للأمر فيطلبون حقهم في الإصلاح وحقهم في الاستقلال الذاتي فكشر في وجه الاتحاديين وأقبل على العرب يحضهم على طلب الحرية وبذل الثمن لهذه الحرية التي لا تذوق أمة طعم السعادة بدونها ولا يصل إليها شعب إلا بدماء المهج، فنظم قصيدة سماها (في معرض السيف) يؤيد بها الحركة الإصلاحية في بيروت ويدعو جميع العرب إلى الانضمام إليها:
هي المنى كثغور الغيد تبتسم ... إذا تطربها الصمصامة الخذم
دع الأماني أو رمهن من ظبة ... فإنما هن من غير الظبا حلم
والمجد لا يبتنى إلا على أسس ... من الحديد وإلا فهو منهدم
والحق لا يجتنى إلا بذي شطب ... ماء المنية في غربيه منسجم
فللحسام صليل يرتمي شرراً ... مفتقاً أذن من في أذنه صمم
وإنما العيش للأقوى فمن ضعفت ... أركانه فهو في الثاوين مختوم
والمجد يأثل حيث البأس يدعمه ... حتى إذا زال زال المجد والكرم
ومن حسنات الرصافي الإحاطة بجميع النواحي المهمة من حياة الأمة العربية ولا سيما