للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شميم: أنظر أمامك، فهذا صوان ضخم مليء بالكتب الأدبية التي ألفتها من ذاكرتي دون أن أستعين بمؤلفات أحد، فهل شاهدت في رحلاتك المسهبة من له هذا القدر من التأليف؟

- هذا مجهود كبير يا مولاي، ولكنه غير مستغرب من أديب كبير عكف على الأدب والشعر حقبة من الزمن، ولعلك تخبرني عن طريقتك في التأليف، وكيف تختار المواضيع التي تدج فيها القول، حتى انفق لك هذا التراث الثمين.

- أنا لا أطرق الأبحاث الهينة المريحة، التي يعمد إليها جمهور المؤلفين، ولكني أعمد إلى المعجز العصي من آثار السابقين فأعارضه بما أراه، فتكون معارضتي ماحقة ساحقة، وأنت تعلم ما ذاع عني من المقدرة والإبداع!!

- لقد قرأت بعض معارضاتك، ولكن اختلاف الأيام قد أفسد الذاكرة وشقت الانتباه، فهل لي أن أعرف منك من عارضتهم من البلغاء لأسجل ذلك فيما بين يدي من أوراق.

- لقد رأيت الناس يعجبون بأبي تمام وهو حقير فدم، إذا قيس بي، سمعت بعض الثناء على حماسته التي جمعها من أشعار الناس، فأردت أن أخمله بحماسة جمعتها من شعري الخاص. ولم أستنجد الشعراء الآخرين كما فعل ابن أوس الذليل، فجاءت حماستي ضرباً من السحر الحلال.

- هل لك أن تسمعني بعض خرائدها الجياد؟

- حماستي مشهورة معروفة فسل عنها الناس، وأظنك ستتجاوز حدود الأدب في السؤال!

- معاذ الله أن أتجاوز الحد معك أيها السيد الجليل، ولكني ظامئ إلى المعرفة والعلم، وقد قدمت بلدتك من أجلك وحدك، فكيف أخرج منها خالي الوفاض؟

- أعرف تماماً أنك جئت إلى آمد لتزورني، فليس بها من تشد إليه الرحال سواي، ولن أسد في وجهك الطريق فسلني عما تشاء.

- سأترك الكلام في أبي تمام كيلا تغضب علي، وأحب أن أسألك عمن عارضتهم من الشعراء سواه.

- لقد عارضت الكثيرين غير حبيب، فأبو نواس قد نظم في الصهباء قصائد عامرة سارت مسير الشمس، وظن الناس أنه لم يدع شيئاً لغيره، فتصديت له معارضاً فأسقطت معجزته من يده، ونظمت في الخمر عقوداً بديعة، تحلى بها الرماق، فلو عاش ابن هانئ لاستحيا أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>