حين أوجه إليك هذه الرغبة على صفحات (الثقافة). اقرأ يا صديقي اقرأ، واشكرني على أن قدمت إليك منبعاً من منابع الإضحاك!
وتناولت الكتاب ورحت اقرأ هذه المقدمة العجيبة حقاً. . تقولون إن نجيب الريحاني الذي كان نابغة عصره في إضحاك الناس قد مات، دون أن يملأ مكانه أحد؟! مهلاً أيها المتشائمون. . لقد أثبت الدكتور بدوي أن نجيب الريحاني لم يمت، وإذا كان، فقد ملئ مكانه بجدارة! أثبت ذلك في تحقيقه لمخطوط أبي حيان عن (الإشارات الإلهية). وفي مقدمته التي ذهب فيها إلى أن أبا حيان كان صاحب نزعة وجودية. . وبقى أن ينتهي الأستاذ صقر من مقالاته، لينتظرني الدكتور بدوي في هذا المكان!
برناردشو ورسالة المال:
في عدد قريب من الرسالة الغراء، وضعت لنا في ميزانك الدقيق الأنيق، وعلى أضواء عقلك المفتش وأشعة ذهنك الوهاج الكاتب الأيرلندي العالمي جورج برناردشو، فأدركنا ألمع اللافتات في فن هذا الكاتب العظيم. . لافتة العقل الساخر، وعرفنا أنها (الإطار الطبيعي الذي يحيط بكل صورة من صور هذه الحياة، ونقطة الارتكاز التي يلتقي عندها خط الاتجاه النفسي الممتد من هنا وخط الاتجاه الفكري المنطلق من هناك!
غير أني وقفت طويلاً يساورني الشك ويتوزعني الارتياب عند نقطة قلت لعل من الخير أن أرجع إليك متسائلاً ومستفيداً من تلقي الجواب. . لقد قلت إن شوكان يمتدح الشيوعية الروسية وينعت قطبها الأكبر ستالين بأنه خير الناس، ثم تساءلت: ترى هل كان شو يؤمن بهذا الرأي الذي يجهر به، أم أن سخطه على الرأسمالية عامة وعلى الإنجليز خاصة، هو الذي كان ينطقه بغير ما يعتقد ويظهره بغير ما يريد؟ ثم أجبت بقولك: الحق أنه السخط من جهة - وتقصد السخط على الرأسمالية طبعاً - والإيمان بالرأي من جهة أخرى!
ولكن، هل كان شو يا سيدي ساخطاً على الرأسمالية، غير مؤمن باستحواذ المال؟ إن الأستاذ العقاد يؤكد لنا في كتابه الصغير عن برناردشو، أنه كان مؤمناً برسالة المال في حياة الآحاد وحياة الجماعات (ص١١٤)، وقال أنه لا يكتم هواه للمال وحبه للاستزادة منه ما استطاع (ص٢٥)، ثم يحدثنا العقاد عما كان يجذب شو نحو الاشتراكية فيقول: كان يجذبه إليهم (فقره) وتمرده على النظم القائمة ونشأته الايرلندية التي تعلم منها الثورة على