هؤلاء الناس لما حدث الذي حدث. . إنكم تتحدثون عن أزمة القراء، ناسين أن إنتاجاً من هذا الطراز هو العامل الأول من عوامل الأزمة، أو هو العنصر الخطير من عناصر المشكلة. إن القراء معذورون إذا انصرفوا عن القراءة وشغلوا عن ثمرات المطابع، ما دام أكثر الكتاب في مصر يلتمسون الشهرة عن طريق القيمة (العددية) للآثار الفكرية!
وقلت للأستاذ صقر وعلى شفتي طيف ابتسامة: هذا صحيح! ولكن من هم (حضرات) النقاد يا صديقي؟ ترى هل تخاطبني بصيغة الجمع توقيراً لي، أن تقصد إلى أن في البلد نقاداً كثيرين يستحقون اللوم والتأنيب؟ إذا كنت ترمي إلى التوقير فأنا أشكرك، أما إذا كنت ترمي إلى كثرة النقاد فإني أعترض عليك. . أين هم النقاد في مصر؟ إنني أكاد أقف وحدي في ميدان النقد، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها! ثم هل وجهت شيئاً من لومك إلى حضرات الأساتذة الجامعيين الذين يجلسون بيننا في هذه الندوة؟ لماذا لا يمتشق أحدهم قلمه ليحاسب زميلاً له على هذه الفضيحة العلمية التي تسيء إلى الجامعة؟ مهما يكن من شيء فأنا أعدك بأن أكتب في الموضوع على صفحات (الرسالة)!
وقال أحد الجالسين من الأدباء وهو يريد أن يطمئن: من أي زاوية ستتناول الموضوع؟ هل ستشير في (الرسالة) إلى بعض ما كشف عنه الأستاذ صقر في (الثقافة)، أم أنك ستتحدث عن أزمة القراءة مرة أخرى لتنصف القراء؟!
وأجبت وأنا أدرك هدف اللفتة البارعة: بالطبع سأشير هنا إلى مقالات الأستاذ هناك، وسأطلب إلى قراء (الرسالة) باسم الحق والكرامة العقلية وأمانة البحث والاطلاع، أن يتابعوا الأستاذ صقر في (الثقافة) ليطمئنوا إلى أنني لم أكن غالياً في كل هذا الذي كتبت، وليدركوا أن أثر هذه الفضيحة العلمية في ميزان الضمير العلمي، لا يقل عن أثر أي فضيحة أخرى كفضيحة تحقيقات الجيش مثلاً في الضمير الاجتماعي. أما القراء فلا بأس من أن أعفيهم بعض الإعفاء من تحمل التبعة، ما دام الدكتور بدوي وأمثاله في الميدان!
وقال الأستاذ صقر وهو يدفع إلي بكتاب (الإشارات الإلهية): إن للكتاب مقدمة لا تدخل في حدود علمي ولكنها تدخل في حدود علمك. إنها محاولة (رائعة) يثبت بها الدكتور بدوي أن أبا حيان كان أديباً وجودياً لا يقل أصالة في نزعته الوجودية عن الأديب الألماني فرانز كفيكا!. إنني أترك لك هذه المقدمة لتناقشها على صفحات (الرسالة)، وسأدفعك إلى ذلك دفعاً