وشرعته، والأزهر ورسالته، طلاباً وأساتذة ورؤساء، ليس له أن يتزحزح خطوة واحدة عن هذا الموقف الذي نقفه الآن جميعاً في سبيل الله والأزهر، وإلا كان فاراً من الزحف وباء بسخط من الله ورسوله والمسلمين جميعاً.
إن الأمر، أيها الناس، لا يعدو إحدى اثنتين: إما ألا تكون مصر والعالم الإسلامي كله في غير حاجة للأزهر، أو تكون في حاجة ماسة له، فإن كانت الأولى فليغلق الأزهر، ولينفق ما يرصد له في الميزانية، على غيره من مرافق البلد، وليريحونا من هذه الحياة التي لا يرضاها حر أبي كريم، إن كانت الأخرى، وهذا ما نعتقده صحيحاً، فعلى الدولة أن تعرف للأزهر وأبنائه منزلتهم، وأن توفر لهم الحياة الكريمة كفاء ما يقومون به من رسالة وما عليهم من تبعات، وعلى الأمة الإسلامية كلها أن تطالب الدولة بذلك كله في جد وإلحاح من يوقن أنه يطالب بحقه، فأقول:(على الأمة الإسلامية)، لأن الأزهر وإن كان مصر، ليس ملكاً لمصر وحدها، ولكنه لأمة الإسلام جميعاً، والأمر في هذا لا يحتاج لدليل أو توضيح.
وليس لأحد ممن بيدهم الأمر أن يتعلل لمحدثيه بعدم إمكان الميزانية العامة للدولة، وإلا، فكيف تتسع هذه الميزانية للإغداق على جمع من الطوائف، بل وللإغداق على فرق التمثيل والرقص نستقدمها من أوربا للترفيه عن الأغنياء المترفين!
هذا، ونقول أخيراً ما قاله فضيلة الأستاذ الكبير الشيخ حسنين مخلوف عضو (جماعة كبار العلماء) في حديثه لدى فضيلة أستاذنا الأكبر شيخ الجامع الأزهر، إن المسألة ليست اليوم مسألة مطالب عادلة فحسب، وإنما هي مع ذلك مسألة كرامة وعزة. ويجب أن يكون للأزهر قيمته ومنزلته التي عرفها التاريخ وعرفها العالم الإسلامي، فيعترف له بحقوقه، ويقدر أهله وما يؤدون للبلاد من خدمات التقدير. اللائق وإننا، ثقة بلفتات جلالة الملك التي شملت الأزهر في كل شؤونه بمزيد من العطف والرعاية، لنرجو أن يكشف الله بها هذه الغمة، ويزيل بها هذه المحنة. ونقول نحن أيضاً: أحبب بهذه محنة جعلت الأزهريين، طلاباً ورؤساء ومرءوسين، جسماً واحداً ورجلاً واحداً في سبيل الله ودينه، ورسوله وشريعته، والأزهر ورسالته. والله المستعان