المحامية أمينة مصطفى خليل التي رفعتها أمام مجلس الدولة، تشكو وزير العدل أنه لم يعينها وكيلة نيابة أو محامية بقلم قضايا الحكومة بعد أن استشار في الأمر رجال الدين، يقول كما جاء بمجلة أخبار اليوم في العدد الصادر بتاريخ ٤ نوفمبر سنة ١٩٥٠:(وقد أخطأت وزارة العدل السبيل حين توجهت إلى رجال الدين لتستفتيهم في مسألة اجتماعية لا تتعلق بالدين - كما لو كانت مسألة ولاية المرأة القضاء أو شيئاً منه أمراً لا يتعلق بالدين والشريعة الإسلامية! - في كثير أو قليل. فكان حقاً عليها، حتى لا تتخلف عن المسير في ركب الحضارة، أن تسائل نفسها: هل تقوم في مصر حكومة دينية؟ وهل الحكومة القائمة تطبق المبادئ الشرعية حقاً وصدقاً؟ أو هل يعيش المصريون في مجتمع شرعي تطبق فيه أحكام الدين الحنيف؟ فإذا كانت الإجابة عن هذه الأسئلة بالسلب، حق على وزارة العدل أن تتورع عن الزج بالدين في الأمور الاجتماعية البحتة)، إلى آخر ما قال! ونحن نعتقد مع محامي المدعية أن الإجابة عن هذه الأسئلة كلها هي بالسلب، وهذا ما يكشف لنا عما وصل إليه من النجاح أنصار إقصاء الدين عن الدولة والمجتمع نفسه. وهم مع هذا يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، متجاهلين قوله تعالى في سورة المائدة:(أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون!) مع أن الحافظ ابن كثير، وهو من أجل علماء الإسلام، يقول في أثناء تفسيره لهذه الآية:(فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله.)
وأخيراً، من باب التمثيل لا من باب الاستقصاء، نرى الأزهر زاد عن القوامة على الشريعة الإسلامية فيما يفرض على البلاد من قوانين ترجع إلى كثير من المصادر ما عدا شريعة الله ورسوله! كما لا يسمع له فيما نعاني من مفكرات وآثام ومظالم، وفيما يشيع في هذا البلد من تقاليد تبعد عن أمر الله والخلق الطيب بعد المشرق عن المغرب!
أرأينا إذا أن التهوين من شأن الأزهر وأبنائه وعلمائه ورجاله عامة، وانتقاص حقوقهم جميعاً في غير ورع أو حياء، أمر يجري على سنن مرسوم وسياسة وضع المستعمر أسسها ووسائلها منذ زمن طويل! وأنه من عدم فهم الأمر على حقيقته، ومن تجاهل العلل الأولى لهذه المحنة التي تمر بها، أن يقال إن الأزهريين يثورون طلباً للمادة كما يفعل الأغيار!
ألا إن الأمر أخطر من هذا كله كما رأينا، ألا وإن من يؤمن بالله ودينه، والرسول