ج - وثالث المناحي الإبقاء على الحروف العربية القائمة، مع اختراع علامات للضبط يلاحظ في اختراعها أن تكون ميسورة على المطابع، واضحة للقارئ، فتلحق هذه العلامات بتلك الحروف.
ولا ريب أن حروفنا العربية إذا لحقت بها تلك العلامات أفقدتها صورتها المألوفة، وأفاضت عليها مسحة من التنكير والغموض.
فهذا المنحى يلتقي هو والمنحى الأول والثاني معاً في ضرورة الاتفاق بادئ بدء على أن تنزل عن رحوفنا العربية فيما ألفنا من صورها، وما عرفنا من علامات ضبطها.
د - وأما المنحى الرابع فهو الإبقاء على الحروف العربية وعلامات ضبطها، على أن تصب علامة الضبط مع الحرف في بنية واحدة، حتى لا تحيد عنه، ولا تفلت منه. فتبدو الحروف المطبعية معها ضبطها متصلاً بها، ليس بينهما من تفاوت.
وهذا المنحى تقوم في وجهه عقبتان، كلتاهما كأداء، أولاهما فنية، والأخرى اقتصادية. فإن صندوق الحروف العربية في أوضاعها القائمة كثير الصور، يعيا به الصفافون، إذ يبلغ أكثر من ثلاثمائة عين. ولو أضيف إلى الصندوق صور جديدة من الحروف عليها علامات الضبط على اختلافها، لازداد جهد القائمين بصف الكلمات أضعافاً مضاعفة، ولاستنفد من أوقاتهم بضعة أمثال ما يستنفدون الآن. فهذا المنحى مدعاة لكثرة التكاليف مضيعة للوقت، مجلبة للعنت. ولذلك لا يقبل تنفيذه الطابعون، ولا يرضى به الناشرون. ولا سيما في عصر طابعه السرعة والتيسير، طابعه اكتساب الزمن، واقتصاد الجهد، والتهوين من النفقات.
هـ - وثمة منحى خامس، وهو وضع علامات الضبط بجانب الحروف، منفصلة عنها، كالشأن في الحروف اللاتينية، لا كما توضع العلامات الآن فوق الحروف أو تحتها.
وهذا الحل يقتضي أن تتغير أوضاع الكتابة العربية في تركيب الكلمات، لكي يكون بعد كل حرف منفسح تحل به علامة الضبط، وأن يفصل بين حروف الكلمات بهذه العلامات. وإذن تبدو صور الكلمات فيها تنكير، وفيها نبو عن المألوف. يضاف إلى ذلك تفويت مزية الاقتصاد في حجم الكلمة، فإن الفصل بين حروفها بعلامات ضبطها يضاعف حجمها.
ووخاتمة المناحي الستة هو الاقتصار على الحروف المنفصلة تسهيلاً لوضع علامات