تطلعت إليهم وأنا أجري يجرفني تيارهم، وهم كتل متراصة متماسكة، كل منها تردد الدعاء خلف مطوفها، كل بلغته ولسانه. وحينئذ خيل إلى أن أمنيتي لن يكون لها نصيب من التحقيق. ومررت (بالركن اليماني) وأمكنني أن ألمسه مقبله، وما وافيت الحجر الأسعد حتى رأيت الجموع المزدحمة عليه في تهافت وتلهف قد انشقت مفسحة أمامي طريقاً أفضى بي إلى الحجر بين ذهول هذه الجموع الذي لم يدم إلا لحظة تمكنت فيها من لمس الحجر وتقبيله. وخرجت من الازدحام لأتمم دورات الطواف السبع، وحين وصلت إلى ركن (إبراهيم) ووقفت لأصلي ركعتين هما سنة الطواف رفعت طرفي إلى السماء، وقد شاع في كل كياني بسمات من السعادة! تبارك الله جلت قدرته؛ فلقد حققت أمنيتي وسعدت بلمس الحجر. وحين كنت أؤدي ركعتين في (حجر إسماعيل) رحت أتمنى ما شئت من نعيم الدنيا والآخرة، وكلي ثقة وإيمان بأن الله جلت قدرته سيحققها بإذنه إن شاء. وجلست لأستريح بالحرم وأجلت البصر فيما حوالي.