للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والصمان، وأرض الصمان في شرقي الدهناء، والحزن والصمان كلاهما ذو مراع خصب يضرب بها المثل.

وكان من حسن حظ المسلمين أن هذه الشعب والبطون لم تكن متصافية فيما بينها، ويظهر أن الخصومة كانت متأصلة فيها من قبل الإسلام. فصفوان وسبرة متفقان، أما قيس بن عاصم فخصم للزبرقان.

وكان الزبرقان وصفوان يميلان إلى المسلمين وينتظران المعونة منهم ليتفوقا على خصومهما. أما قيس بن عاصم فكان متردداً. وأما وكيع بن مالك ومالك بن نويرة فتظاهرا بالعداء للمسلمين، وكان العداء متأصلاً في نفوس الرؤساء لدرجة أن البطون والشعب كانت تتقاتل.

ولما ظهرت سجاح اشتد هذا العداء، وادعت سجاح النبوة في بني تغلب في أرض الجزيرة بين دجلة والفرات، وهي ترتبط ببني يربوع برابطة القرابة، فجمعت حولها جموعاً من بني تغلب وبني نمر وبني أياد وبني شيبان، وتقدمت بهم إلى بلاد بني تميم، ويدل مجرى الوقائع على أنها ادعت النبوة قبل وفاة الرسول.

ماذا كانت تقصد سجاح بمسيرها جنوباً نحو بلاد تميم؟ هل أرادت أن تمهد السبل لتأسيس مملكة بين العراق ونجد تضم فيها قبائل بني تغلب والبعض من بطون بكر وبني تميم؟ أو أنها أرادت الهجوم على المدينة كما يروي سيف بن عمر؟ ثم هل شرعت في المسير قبل وفاة الرسول أو إن وفاته شجعتها على المسير؟ هذه أسئلة تصعب الإجابة عنها بصورة جازمة. والذي يلوح لنا أنها لم تكن تقصد لا هذا ولا ذاك، ولعلها برزت بالكهانة وأحسنت السجع فالتف حولها الناس، وأرادت أن تستغل نفوذها فسارت برجالها، وكلما مشت كثر أتباعها حتى أدى بها المسير إلى الدخول في أرض بني تميم. ومع ذلك فمن المحقق أنها بدخولها ديار بني تميم أرادت أن تستفيد من القرابة التي تربطها بهم. وهذه القرابة غير واضحة، ومن الرواة من يزعم أنها تميمية من بني يربوع وأخوالها من بني تغلب، ومنهم من يدعي أنها تغلبية وبنو يربوع أخوالها. والواضح من أخبار الرواة أنها دخلت بلاد بني تميم بعد وفاة الرسول. وكان دخولها مما زاد الشحناء بين رؤساء بني تميم فأراد كل منهم أن يستغلها لمصلحته، والغريب في أمر بني تميم أنهم لم يخضعوا لرئيس واحد أسوة

<<  <  ج:
ص:  >  >>