إلى دفع غرامة ترهقه وتزيد في سوء حالته المادية. وفي ذات يوم أعلنت البارونة عن رغبتها في بيع أملاكها بأثمان بخسة، فتسارع الناس واشترى كل منهم قدر طاقته وقتر باهوم على نفسه وباع ما لديه متن ماشية واشترى بما تجمع لديه مزرعة صغيرة لم تلبث أن جاءته بمحاصيل وافرة فتحسنت حاله وكثر حساده وصاروا يطلقون ماشيتهم على زرعه. فصار يلجأ إلى العنف والقسوة والمطالبة بالغرامات والالتجاء إلى المحاكم، فأثار عليه نقمة الأهلين وحقدهم وباتوا يكرهونه كرههم القديم للبارونة العجوز. وانتشرت يوماً إشاعة بأن كثيرا من أهل القرية أخذوا يرتحلون إلى بلد آخر. ولكن باهوم قرر بعد إعمال الفكر أن يبقى مكانه إذ وجد في ذلك فرصة لزيادة ما يمتلكه من الأرض. ولكن في ذات يوم طرق باب باهوم فلاح عابر وطلب قضاء الليلة في بيته. فرحب به باهوم وقدم إليه العشاء، ثم جلسا يتسامران ويتحدثان. قال الفلاح لباهوم - إني عائد من البلاد الواقعة وراء نهر الفولجا، وهي بلاد واسعة قليلة السكان وقد أخذ الناس يرحلون إليها لاستيطانها، إذ تؤجر الأرض هناك لمن يشاء بأثمان بخسة جداً، والتربة فوق ذلك خصبة تدر على أصحابها محاصيل وافرة. وخفق قلب باهوم لهذا الخبر وراح يحدث نفسه قائلاً - لماذا يتحتم علي البقاء هنا في هذا البلد المزدحم. . . سأبيع كل ما أملك وأرتحل إلى تلك البلاد وأستأجر بالنقود أرضاً واسعة وأبدأ الحياة من جديد. . . وأخذ باهوم يستفسر من الغريب عن هذه البلاد، وفي اليوم التالي سافر إليها ليتفقد أحوالها، فلما تأكد له صدق قول الغريب عاد إلى قريته وباع كل ما يملك وارتحل مع عائلته إلى مقره الجديد. . . وقضى هناك ثلاث سنوات يستأجر الأرض ويستثمرها حتى أصبح من الأغنياء. . . فبدأ يسأم التبعية لمالك أرضه وهفت نفسه إلى امتلاك أرض خاصة. . وفي ذات يوم هبط على باهوم غريب يطلب غذاء لحصانه، وجلس الرجلان يتحدثان. وقال الغريب - إني عائد من بلاد الباشكير حيث اشتريت ١٣ ألف فدان بثمن زهيد جداً. إن الأرض هناك لا قيمة لها ويكفيك أن تقدم الهدايا لرؤساء البلد وأن تشرب الفودكا مع من يشربون فيعطونك الأرض التي تشاء. . . واستفسر باهوم عن الطريق إلى هذه البلاد العجيبة. . . وفي الصباح اشترى بعض الهدايا وودع بنيه وزوجته واستصحب خادمه إلى بلاد الباشكير بجد ونشاط. وبعد سبعة أيام بلغ الأرض الموعودة واتصل بالزعماء ووزع عليهم الهدايا ثم عرض