حاجته. . . وسأل عن الثمن. . . فقال له الرئيس - إن أسعارنا محدودة - ألف روبل في اليوم. . . ولم يفهم باهوم قول الرئيس فسأله - وأي مقياس هذا الذي تبيعون به الأرض؟ فأجاب الرئيس - نحن نبيع الأرض باليوم - أي أننا نعطيك ما تستطيع أن تدور حوله في اليوم مقابل ألف روبل. . . ولكن هناك شرط واحد وهو أنك تسير مع طلوع الشمس حول الأرض التي تختار على أن تعود إلى المكان الذي بدأت منه مع غروب الشمس. فإذا غربت الشمس قبل أن تعود ضاع مالك ولم تحصل على الأرض. . . وقبل باهوم هذا الشرط فرحاً واتفقوا على أن يبدأ المسير في صبيحة اليوم التالي فهو لا يريد أن يضيع عليه الوقت. وأوى باهوم إلى فراشه وهو يصور لنفسه أنه سيستطيع أن يدور حول قطعة كبيرة فيصبح من الأغنياء وكبار المالكين. ثم راح يرسم الخطط للمستقبل الحبيب - فتارة يزرع هنا وطوراً أرشده إلى أرض الباشكير. ولما دقق النظر فيه وجد أنه انقلب من يحصد هناك، وتارة أخرى يشتري الماشية ويستثمر صوفها ولبنها. . . وقضى ليلته على هذا الحال مسهداً أرقاً ولم تغمض له جفن إلا قبيل الفجر بقليل. . . وعندئذ تراأى له في منامه زعيم القرية واقفاً خارج خيمته يقهقه ويضحك ملء شدقيه. . . فقام إليه ليسأله عن سبب ضحكه فإذا به يتبين فيه ذلك الفلاح الذي جديد إلى الفلاح الأول الذي قدم من بلاد ما وراء الفولجا وحملق باهوم في الرجل وهو لا يصدق عينيه فإذا بالفلاح ينقلب إلى شيطان رجيم له قرون وحوافر ويرقد أمامه رجل حافي القدمين لا يرتدي سوى قميص وسروال، وليس فيه حس أو حركة. فلما تأمل الرجل الميت جيداً تبين أنه هو نفسه، فهب من نومه فزعاً مذعوراً، فرأى أن الفجر قد انفلق. . . ونسى حلمه المزعج ونادى خادمه وخرج إلى القوم يستحثهم للخروج إلى السهول. وسار القوم حتى وصلوا إلى قمة تل مرتفع وهناك خلع الزعيم قبعته ووضعها على الأرض وقال لباهوم - من هنا تبدأ المسير. وهاهي الأرض الشاسعة أمامك لا يحدها حد فاختر ما يحلو لك وعد إلينا عند الغروب. . . فتهلل وجه باهوم بشراً وسروراً ووضع النقود في القلنسوة، ثم خلع معطفه وشمر عن ساقيه وتزود بقليل من الطعام والماء وحمل على كتفه فأساً، ووقف ينتظر شروق الشمس وهو يتأمل الأرض المنبسطة أمامه وقد أخذته الحيرة في أي إتجاه يسير. وبعد تردد قليل اختار جهة الشرق، وما أن أطلت الشمس برأسها من وراء الأفق حتى انطلق في اتجاهها بسرعة