المرأة الدينارية التي تلقت يوم أحد الخبر بمصرع أبيها وأخيها وزوجها وأبنها، فتجلدت واحتملت ولم يهمها إلا أن تسأل: وكيف رسول الله؟ فيقال لها: أمامك. فتقول: كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله.
وكانت فاطمة وهي بنت النبي تطحن على الرحى بيدها، وتخبز وهي حامل حتى لقد كان بطنها يمس التنور، وتدبر أمر بيتها بنفسها، فلما طلبت من أبيها خادماً أبى عليها ذلك، فكانت خير قدوة للمرأة في تدبير المنزل.
ولن ننسى موقف المرأة المسلمة التي عارضت عمر وهو أمير المؤمنين إذ كان يخطب في حقوق المرأة فيقول خليفة رسول الله: صدقت المرأة وخطأ عمر. فهل كان يكون ذلك إذا لم تكن المسلمات قد طرقن أبواب المسجد، لا يحول بينهن في ذاك إلا الحجاب المشروع؟
هذا وإن ما نرى بين ظهرانينا الآن من انحلال خلقي إنما يرجع إلى إهمال شأن المرأة المسلمة، حتى إذا حصل الرجل من العلوم الحديثة ما يشاء أعوزته الثقافة الإسلامية. فلا معين له عليها إلا همته وغيرته، أما المرأة فإنها - للأسف الشديد - قد حرمة الحرمان كله من هذا وذاك، فليس حولها من يشجعها على شعائر دينها، ولا من يدفعها إلى التفقه في أصوله، والتثقف بآدابه.
وهذا النقص يمس حياتنا الاجتماعية في صميمها، ويسئ إلى التربية الإسلامية في تطبيقها على المرأة، وإزاء ذلك نرى أن الفرصة قد حان قطافها في العيد الألفي للجامع الأزهر.
وخير ما نقدمه للأجيال القادمة - في هذه الذكرى - هو أن ننشئ (جامعة الزهراء) تؤمها المسلمات في مصر وشتى بقاع العالم يغترفن من مناهل هذا الدين المتين، فينشأن نشأة إسلامية صحيحة، تتوطد بها دعائم الأخلاق في الأسرة والمجتمع، وهذا هو الدواء السريع لكل ما نشكو الآن من تصدع في الروابط الأسرية، وانصراف عن صوت الأيمان ونداء الضمير، والتخبط في الانحرافات الزائفة تحت ستار المدينة.
ولن يفوتنا مع ذلك أن نقتبس لطالبات (جامعة الزهراء) كل ما يمكنهن من التهذيب الفردي، وتدبير المنزل، وتربية الأولاد، ومعاونة الزوج، والخروج من الأسرة إلى أوسع نطاق اجتماعي في داخل الحدود التي رسمها الإسلام كدستور سماوي، ونظام إنساني شامل لنواحي العلم والعمل.