للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولقد رغبة إلى المطبعة في أن تستن هذه الطريقة في صف جملة من الكلام، فلم تعي بذلك، وأثبتت التجربة أن الطريقة لا تعترضها في العمل عقبات، مع أن المطبعة اعتمدت في إنجاز ذلك على صندوق الحروف الذي يجري به الاستعمال الآن.

ولو أن هذه الطريقة لقيت حضاً من القبول، ووضعت موضع التنفيذ لتوقعنا أن يزودها أهل الفن في مسابك الحروف بما يوحي به وضعها الجديد، وأن يزيدوها تجميلاً، ويضيف إليها من ألوان التعديل والتنسيق ما يجعلها أدق أداء، وأنق منظراً، وأدنا إلى الرضى والاستحسان.

بقى أن نعرض لشيء لا نجد سبيلاً إلى أن نضر عنه صفحاً، ذلك هو أن لمشكلة ضبط الكتابة جانباً غير الجانب المطبعي الفني الذي تحله هذه الطريقة.

إن المطالبة بضبط الكتابة أمر تعترضه مصاعب يتبرم بها الكاتبون. فإننا إذا رغبنا إلى كل كاتب أن يقدم ما يكتبه إلى المطبعة مشكولاً على وجه الدقة، استشعر من ذلك عنتاً، ولاقى في سبيله رهقاً أليس هو مطالباً بأن يتحرى الصواب في الضبط؟

وهل يتسنى لكل كاتب أن يحسن ضبط ما يكتب؟ أو ليس ذلك يقتضي بصراً باللغة، وأتقاناً بقواعد النحو والصرف، حتى لا يكون الضبط الجديد سبيلاً إلى إشاعة الخطاء من حيث نبتغي إشاعة الصواب؟

ولكن هذا الذي نتوقعه ونخشاه من شيوع الخطاء إذا أريد الكاتبون على ضبط ما يكتبون، دليل أسطع دليل على أننا تعوزنا المرابة على سلامة النطق وصحة الإعراب، دليل على حاجتنا القصوى إلى تعليم الضبط في الكتابة.

على أن لكل تغيير طارئ مصاعبه الأولى، ولكل إصلاح عثراته في فواتح الطريق، حتى يستقر الأمر، وتستتب الحال. فلا ريب في أننا حين نأخذ أنفسنا بضبط ما نكتب سيشيع بيننا خطأ كثير؛ إلا أن هذا الخطأ سيقل ويضمحل على توالي الزمن وفقاً لتتبع النقاد والرغبة في تخي الصواب. ولا ريب كذلك في أن الأمر سيقتضي تخصيص طائفة من البصراء باللغة للأشراف على كل ما تخرجه المطابع من كتب وصحف ومجلات، حتى تبرأ من اللحن والخطاء في ضبط الكلام.

ومر الأيام كفيل بإنشاء جيل جديد من الكتاب والمؤلفين يغنون بقدر كبير أو صغير عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>