أضن أن للمكتبات الكبرى في القاهرة تخلو من آثار القباني إذ أنها كلها مطبوعة في القاهرة. وكانت في عصره منتشرة ولا يعدم الباحث المدقق وسيلة للعثور عليها كما وجدت أنا الوسيلة للاطلاع على بعضها على رغم فقدانها.
٣ - أما ما ورد في السؤال الثالث عن احتمال وجود مدرسة فنية في دمشق اهتدت بهدى القباني وتتبعت خطاه، فهذا أمر ينفيه الواقع. لأن القباني بعد مغادريه الديار الشامية وهجرته لمصر انقطعت أخباره عن سوريا وتعطل المسرح من بعده وأنتقل هذا الفن إلى الديار المصرية حيث لقي بها تربة خصبة وصدراً رحباً وكان وصوله غليها في عهد الخديوي توفيق وعاصر عباساً ولم يعد إلى بلاده إلا بعد أن نشر الفن في ربوع النيل السعيد وتخرج هناك على يديه الكثيرون ممن ذكرتهم في مقالاتي السابقة في الرسالة الغراء. والشيء الذي أريد أن أقوله: أن القباني وقد مضى على تاريخ وفاته هذه السنون الطوال لا يزال أعقاب بعض أعدائه من الشيوخ المحافظين الذين كانوا يناوئونه ينظرون إليه نظرة المخرق الخارج الذي أحدث ثلمة في الدين وأوجد بدعة بما قام به من أعمال فنيه في ذلك الزمن. وهم يلومونني إذ أكتب عنه هذه الفصول. وهذا دليل على التأثير البالغ الذي أحدثته رواياته وقتئد لدى آبائهم وأجدادهم المعاصرين له، وقد غالى بعضهم في اللوم والعتاب وحظر على الكتلية في هذا الموضوع بداعي أنه يثير حزازات قديمة، وهؤلاء الأعقباب كما ترى قد ورثوا العداء لهذا المغني العالمي كابرا عن كابر، وأنا إذ أعود إلى نبش هذا الموضوع من جديد ألقي التبعة في ذلك على اتق السيد نجم لأنه هو السبب في أثارته من جديد فعليه يقع الكفر، وأنا إنما أنقل ما يطلب إلي، وناقل الكفر ليس بكافر
٤ - وما طلب السيد نجم بإتمام بحثي عن القباني وفي الرسالة فهذه مهمة سأتفرغ لها وأكتب فصلاً خاصاً عن القباني الموسيقي كما كتبت عن القباني الممثل إجابة لرغبته وإن كانت هذه الرغبة تكلفني غالياً كما أشرت.