وقد مثل مريض الوهم عدلي كاسب، وكان ملائماً للدور كل الملاءمة، فأندمج فيه. ومثلت الخادمة (توانيت) سناء جميل وهي فتاة تمتاز بالحيوية والقوة في تمثيلها. ومثل (كليانت) صلاح سرحان فكان قوياً في موقفه وقد استطاع بقوته الجدية التي يتطلبها موقفه أن يثبت بجانب الشخصيات الفكاهية الطاغية، مثل سعيد أبو بكر الذي مثل (توما) والذي فجر الضحك من أعماق الجمهور، ومثل أحمد الجزيري الذي مثل الطبيب الأكبر والد (توما) وقد كان الجزيري هنا أحسن منه في مسرحية (الجلف) واستطاع عبد الغني قمر أن يفني في شخصية المسجل العجيبة رغم ما فيها من تعقد والتواء. وقامت زهرة العلى بدور (انجليكا) فكانت معبرة في مواقفها المختلفة وقد تحسن إشباعها للنطق العربي عن ذي قبل وقامت سميحة أيوب بدور الزوجة المخادعة الناعمة، وأعتقد أن الدور كان يتطلب منها أكثر مما بذلت. وقام محمد السبع بدور أخي مريض الوهم، فلم يحسن فيه بمقدار ما أحسن في دور (الجلف) مع أنه كان يتحدث عن آراء موليير في الطب والأطباء، فلم يف تمثيله بأهمية الدور.
وجهد الإخراج في هاتين المسرحيتين يتجلى في الممثلين والممثلات أنفسهم، فإن الأستاذ زكي طليمات يخرجهم كما يخرج الرواية، وقد أحسن تنسيقهم على المسرح، واجتهد في تحسين المناظر وتجديد الأثاث البالي الذي عرف به مسرح حديقة الأزبكية. ولكني لاحظت أشياء صغيرة في منظر مسرحية (الجلف) فهناك مكتب أعتقد أن في (سوق العتبة) ما هو خير منه. . وإطار مرآة يحيط بغير مرآة. . . ومع ذلك فقد كان البطلان ينظران فيه. . وقد أمسكت السيدة بحبل معلق بجدار الغرفة لتستدعي الخادم والمفروض أن الحبل متصل بجرس في الداخل ولكن لم يسمع أي صوت لهذا الجرس.
ولا يستطيع القلم أن يمسك عن الكتابة قبل أن يزجى التحية إلى هذه الفرقة التي أنستنا أنها ناشئة، وقبل أن أبدى الإعجاب بهذه الروح التي تشيع فيها فتجعل كل فرد منها يعمل لإنجاح الجميع، وقبل أن أعرب عن سروري ببدء. حياة جديدة للمسرح المصري.