حماس يدافع عن روحانية الدين إزاء مادية الطبيعيين، ثم ما لبث أن خرج (في رأيهم) باستنتاج أكثر مادية. فالمجتمع ملموس والله عز وجل حقيقة قدسية يدركها الناس بالعقيدة والإيمان فكيف يصح القول بأن الله جل جلاله رمز لشيء مادي؟ وقال دير كهايم وأنصاره إن هذه الثورة لا موجب لها. فالحقيقة الاجتماعية التي وضعها دير كهايم ليست من الأشياء الطبيعية التي يلمسها الناس لمسهم الصخرة والشجرة والحديد والماء؛ إنما هي (سلوك جماعي) يشترك في التعبير عنه أفراد المجتمع كما لو كانوا فرداً واحداً. وأوضح دير كهايم الفرق بين الفكر الفردي والفكر الجماعي وقال بأن اختيارات الإنسان الفردية الخاصة به وسلوكه النفساني والروحي يختلف عن اختياراته متضامناً متكافلاً مع أفراد الجماعة التي تعيش فيها ويشاركها الخير والشر. والمجتمع في رأي دير كهايم كيان لا وجود له إلا في تفكير الفرد وشعوره.
هذا الفكر الجماعي هو من أبرز ما اهتم به دير كهايم في معرض معالجته للدين والسلوك الإنساني، فاختبار الجماعة عند دير كهايم حقيقة اجتماعية لا علاقة لها بالماديات التي تكلم عنها الطبيعيون.
إذن فعلاقة الله عز وجل بهذه الحقيقة الاجتماعية ليست علاقة مادة، والقيم والمثل الفاضلة التي جاءت بها التعاليم الدينية لم تقتصر على علاقة الفرد بربه وإنما شملت كذلك علاقة الكيان الاجتماعي بالعزة الإلهية، وذلك لأن الفرد عضو في الجماعة وسلوك الإنسان فرداً يختلف عن سلوكه متضامناً م الجماعة.
وقد ركز اكثر المصلحين من أهل التقوى والإيمان اهتمامهم إلى سلوك الإنسان الفردي وأهملوا معالجة سلوكه الجماعي. ولما كان هذا السلوك الجماعي مميزاً عن السلوك الفردي بصفات واتجاهات وطبائع وشاعر خاصة فلذلك استوجب على المصلحين أن يقوموا أكثر فأكثر على توجيه السلوك الجماعي على ضوء التعاليم السماوية. وشرح دير كهايم في حماس كيف أنه جعل اهتمامه أن ينفي الصبغة الطبيعية المادية عن طبيعة السلوك الجماعي ويثبت صفاته ومميزاته الروحية.
ثم زادت الحاجة إلى دراسة علم الدين الاجتماعي دراسة عملية وتعميمها والدعوة لنشرها ما وجد المصلحون لذلك سبيلاً. وما لبث دير كهايم أن وقع فريسة التطرف في التحليل