حكمه؛ وأن بهرام استعان بالمنذر وولده النعمان في جيش قدروه بثلاثين ألفاً وبهم تمكن من الجلوس على عرش أبيه، ولا أرى هذا صورة التابع الخاضع، وقد كان ذلك سنة ٤٢٠.
ولكن في زمن كسرى أنوشروان نرى المنذر الثالث يتولى السلطان من يد كسرى، وحكم كسرى من سنة ٥٣١ إلى سنة ٥٧٨ والمنذر قتل في واقعة محددة التاريخ سنة ٥٥٤ واستمر الأمر على ذلك يولي الفرس حاكم الحيرة من المناذرة - وربما ولوه من غيرهم كما ولوا عليها إياس بن قبيصة الطائي.
فهذه أسرة يمنية أخرى تبدلت طبيعة اتصالها بجارتها بعد أن سقطت دولة اليمن سنة ٥٢٥.
وفي داخل الجزيرة كان امرؤ القيس آخر ملوك كنده وقد حاربه المنذر الثالث وحارب أسرته نزاعاً على الملك وقتل كثيراً من أمراء كنده صبراً ويبكيهم امرؤ القيس فيقول:
ملوك من بني حجر بن عمرو ... يساقون العشية يقتلونا
فلو في يوم معركة أصيبوا ... ولكن في ديار بني مرينا
فلم يغسل جماجم بغسل ... ولكن في الدماء مرملينا
تظل الطير عاكفة عليهم ... وتنتزع الحواجب والعيونا
وإذا كان المنذر يستند إلى سلطان الفرس فإن سبيل امرئ القيس أن يستعين بمنافسيهم الذين ينازعونهم الرغبة في التسلط على البلاد العربية وهم الروم ويقصد في ذلك إلى الحارث بن جبلة والحارث كما علمنا ولي من سنة ٥٢٩ إلى سنة ٥٦٩.
وهكذا نرى أن ما نكشف من تاريخ الحوادث يؤيد ما بدا لنا من التحديد.
فإذا تقرر تحديد العصر الجاهلي على هذا الوجه فتح باب لدرسه دراسة قوية؛ وكان ما بأيدينا من الشعر المروي مدداً كافياً لتنوير هذا العصر وتوضيحه.
فإذا أخذنا قبيلة واحدة مثل قبيلة بكر وهي أخت تغلب وكلتاهما من وائل - ووائل فرع من فروع ربيعه.
إذا أخذنا هذه القبيلة وجدنا أنا نروي لأكثر من خمسين شاعراً من شعرائها بينهم نحو عشرين يمكن أن يكون شعر الواحد منهم ديواناً؛ وخمسة لهم دواوين مطبوعة متداولة بأيدينا وهم عمرو بن قميئة وطرفة بن العبد والخرنق أخته والمتلمس والأعشى.