الغضب الذي كان يبديه إخواننا في كل بلد عربي يلتوي ساسته فيتقاعس جيشه.
ولم يفسد الأمر كله إلا رجال الحكم والسياسة أو الذي جرى في دمائهم السم المدسوس من قبل الاستعمار. إن التبعة كلها تقع على الحكومات ومن ورائها الاستعمار. وإذا كان اليهود أخفقوا في تسميم الآبار فإن المستعمرين نجحوا في إطلاق الجراثيم على بعض المسئولين، والجراثيم أنواع لا أرى حاجة إلا تفصيلها.
حتى الجامعة مظلومة. . . فإني لا أذهب مع المغالين في لومها إذ أرى أن كل اضطراب فيها وكل اختلاف في لجانها إنما هو انعكاس لأغراض واتجاهات الحكومات المختلفة، ولن تكون الأمانة العامة مسئولة حقاً حتى يكون لها جيش وسلطان.
أما المواطنون العرب فإنهم لم يقصروا، وإن لوحظ فيهم ضعف فإنما هو ضعف مقوماتهم الاقتصادية والاجتماعية وسخطهم على المغترين بزخرف الحياة الدنيا، والتكوين الحقيقي لهؤلاء المواطنين إنما هو بإزالة هذه الأسباب قبل كل شيء.
وأوجه كلمة صغيرة إلى الأستاذ أسعد داغر باعتباره السكرتير العام لجمعية الوحدة العربية، وإلى غيره من رجال العروبة (غير الرسميين) تلك الكلمة هي الاتجاه - في الدعوة إلى البعث العربي - إلى المواطنين من شعوب العرب لتكوين رأي عربي عام منظم يرفع صوته ويعمل ما في وسعه لخير العرب، بل أقول: لتوجيه الحكومات.
أولئك المواطنون وذلك الرأي العام المنشود، وهم الذين نعنيهم ونحس بوجودهم حينما نتفاءل وحينما تداعبنا الآمال في مستقبل الأمة العربية.
هل نحن مثقفون بالثقافة الإسلامية؟
التقيت أخيراً بشخصية كبيرة من الباكستان في مجتمع بالقاهرة، ودار بيننا حديث شاقني فيه أن الرجل ينظر إلينا - معشر المصريين - وإلى بعض شؤوننا التي لا نلتفت إلى ما فيها من عيوب للفتنا إياها، نظرة المستشرف المبرأ من هذه الألفة الساترة. . . وقد ناقشته في بعض الأمور، ولم يسعني إلا أن أسلم بأكثر ملاحظاته، مع إعجابي بروح الأخوة الإسلامية التي استشعرتها في حديث ونبراته ونظراته الفياضة بالإيمان العميق.
قال: نحن نسمع عن مصر باعتبارها زعيمة الدول العربية والإسلامية ومركز ثقافة العرب والإسلام، فنشتاق إلى أن نقتبس منها ونغترف، ولكنا نجيء إليها فنجد فيها كل شيء