كنت ولا أزال من المعجبين بأسلوبك الرائع الأخاذ، وذلك الأسلوب الساحر ذو الجرس الفاتن البليغ، الذي يملك على قرائك زمام تفكيرهم فينقلهم إلى عوالم الحق والخير والجمال. ولا أحابيك أو أداجيك إذا ما قلت إنك أثير لدي - على رغم إيجازك - أكثر من أندادك الكتاب الذين لا يستطيعون التعبير عن أفكارهم إلا بالإطناب والتطويل. وهو ما لا يرضاه البليغ الواقف على أسرار العربية. وقد زاد هذا الإعجاب حتى بلغ الذروة يوم أشرقت علينا (رسالتك) الحبيبة، وهي تحمل لدين الناطقين بالضاد افتتاحيتك الجبارة الموسومة بـ (ثوروا على الفقر قبل أن يثور)! لقد كانت - والله شاهد على ما أقول - درة الأمة في جيد الرسالة - قرأتها مرات وفي كل مرة كانت تسمو في عيني وفكري حتى ارتفعت إلى قمة لم تبلغها مقالة كاتب من قبل وقد تعجب وتقول: وما مرد هذا كله لدى شاعر يعيش في أفق الوهم؟! أما أنا فاسمح لي أن أهمس في أذنك بكلمة واحدة: هي أنك الآن استطعت أن تعبر عن شعور الملايين من الشعوب العربية المبتلاة بأرباب المناصب والألقاب، الذين ما وصلوا إلى كراسيهم تلك التي ذكرتها إلا بجهود الأيدي العاملة وغفلة عقولهم. فما ذكرته عن مصر هو بعينه في العراق. فهل لك أن توجه إلى وزرائنا الذين لا يزالون يعيشون في أبراج عاجية، مقالاً كمقالك (ثوروا على الفقر قبل أن يثور)؟!
صدقني يا سيدي أنك بعملك ذاك ترضي هذه الملايين التي تعيش على ضفاف الرافدين، إرضاء يجعل من اسمك عندهم أغرودة عذبة الرنين! فهل آمل على يديك خيراً لهذا الشعب المسكين الذي يتنعم برفاه الجهل، وظلال الفقر، وعز المرض. . بهمة وزراء المعارف والشؤون الاجتماعية والاقتصاد؟!