والروافع ثلاث كنا نحفظها ونحن تلاميذ بالسنة الثالثة الابتدائية بناء على طلسم خاص هو (رمق). فالقاف رمز القوة. والميم رمز المقاومة والراء رمز محور الارتكاز، ثم إن هذا الطلسم بوضعه هذا يكون مفتاحاً لأنواع الروافع.
فالنوع الأول يكون فيه محور الارتكاز بين القوة والمقاومة والنوع الثاني تكون فيه المقاومة بين محور الارتكاز والقوة والنوع الثالث تكون القوة بين محور الارتكاز والمقاومة.
ولهذه الدوافع الآلية فوائد عملية للإنسان، فهي تنفعه في التغلب على القوى الكبيرة باستعمال قوى صغيرة. وروافع المجتمع أشبه بروافع الطبيعة في بساطتها وتعقيدها. وليس يخفى أن الحياة الاجتماعية إنما هي تفاعلات مستمرة بين عناصر لأحد لها ولا حصر، ومن أبرزها عوامل الجغرافيا والتاريخ والدين والاقتصاد والسياسة والأخلاق والعلم والصحة والجنس واللغة.
ومن العبث أن نعتبر المجتمع مكوناً من أفراد كما نعتبر الجدار مجموعة من قوالب مرصوصة على نحو أو آخر، ذلك بأن الإنسان شخص لا فرد، والفرق بين الشخصية والفردية مدارة تكامل الجهاز العصبي، ذلك التكامل الذي يبلغ أقصاه عند الإنسان، ويندرج تحته سائر الأحياء في سلم النشوء والارتقاء، ولذلك يقال في البيولوجيا إن الأرنب فرد لأن سلوكه طائفي، بينما الكلب شخص ذاتي. ومعنى ذلك أنه كلما كان سلوك الحي متدرجاً في الرقي مع مرونة الجهاز العصبي، كانت له شخصيته التي بها يعرف ويمتاز.
وليست هذه (الشخصية العنصرية) حجر عثرة في سبيل (التكامل الاجتماعي) كما يبدو لأول وهلة، فإن الميول الفطرية العامة من أهم العوامل في تحقيق هذا التكامل بين الأشتات، وذلك التقارب بين العناصر. وإنه لمن اليسير أن تتلاقى الأهواء والميول وفاقاً لقانون (الجاذبية الاجتماعية) ذلك القانون المستمد من الطبيعة السيكولوجية. والذي يوحي بأن حياة المجتمع أشبه ما تكون بحياة القطيع، يرى الفرد نفسه منساقاً إليه، مدفوعاً معه مثل (خروف يانورج) في القصة المعروفة.
فإذا كانت الغرائز هي تلك القوى الفطرية والأسس الأولى للسلوك، فإن الميول العامة هي القوى التي ينبني عليها المجتمع، وهي لا تظهر بوادرها إلا بوجود الإنسان في المجال