وكتابه (المتصوفون الأوائل) أحدث حين صدوره دوياً هائلاً في الأوساط العلمية وتردد صداه في كافة أنحاء العالم. فقد نشر البروفيسور هيار عضو المعهد الفرنسي بمناسبة صدور هذا الكتاب مقالاً جاء فيه:(إن هذا الثر العظيم لم يوضع ليعطي لنا معلومات جديدة صافية، وإنما هو أثر خالد يرشدنا إلى أساليب تطبيقية مبتكرة في أصول النقد الأدبي والتاريخي. . وإذا وجد من يدرسونه بإتقان - وسيكون الباحثون عنه كثيراً - لرأوه فاتحة دور عظيم. .).
وتحدث عن الكتاب نفسه الأستاذ بجامعة بودابست بقوله (حقا أن الجهود التي يبذلها الأستاذ فؤاد كوبريلي - ومن معه من تلاميذه - ستكسب تاريخ الأدب في تركيا لوناً يجعله في موضع لائق بين تواريخ الأدب للأمم الأخرى. .) وهكذا نرى أن إعجاب العلماء والمفكرين بالأستاذ كوبريلي يزداد يوم بعد يوم. وكلما أهدى إلى المكتبة الشرقية أثر ثمين وجدناه في كل مرة يسجل انتصارا باهرا في تاريخ الأدب التركي؛ فقد جعله حافلاً بصفات بارزة ممتازة، وأعطاه مزاياه البديعة التي كانت كامنة بين طيات الكتب المختفية في جوانح المكتبات.
وله أبحاث جد قيمة في تاريخ التصوف الإسلامي. وهي دراسات عميقة للطوائف والنحل والشيع الإسلامية في مختلف العصور، تبحث في آداب هذه الأقوام وتاريخها ومعتقداتها وشعارها. . .
وفي هذا يقول المؤرخ العراقي المعروف الأستاذ عباس العزاوي، وقد زار كوبريلي في سنة ١٩٣٧ في استنبول:(إنه يعد من اشهر المدققين في الآداب والنحل، له تتبعات في نواح علمية لها مكانتها من الثقافة التركية. . . ولا يركن في بحوثه كلها إلا إلى نصوص تاريخية، فهو من الموفقين في ذلك، ومقالاته في دائرة المعارف الإسلامية مهمة جداً.)
وقد قضى الأستاذ كوبريلي غالب أوقاته بين الكتب، فهو مغرم بها، ولا يهوى في الحياة غير البحث والتنقيب. وتعتبر خزانة كتبه في استنبول من أعظم الخزانات في الشرق بما تصمه من أنفس الكتب المخطوطة والمطبوعة. يفتحها للزائرين. ولا يبخل بعلمه على من هو في حاجة إليه. فقد قال عنه (إن دارة الشبيهة بالبرج المطلة على بحر مرمرة تحوي كنزاً من الجواهر الفكرية. . ولم يوجد من دخل فيها وتركها دون أن يحمل بين ضلوعه