وقد نقدت محاضرة الدكتور ناجي، ولم أتعرض لشعره، وأقول الآن إن ما يقوله يعجبني، ومنه هذا البيت الذي أورده الأستاذ الناصري في رسالته:
أجرجر وحدتي في كل حشد ... وأحمل غربتي في كل جمع
فأنا أشاركه هذا الإحساس، وأراه موفقاً في التعبير عنه، هذا الشاعر الذي يعيش وحيداً وغريباً بين الناس لأنه يحيا بمشاعره في عالم غير عالمهم - جدير بالأنس إليه - وهو لا يترك تلك المشاعر عندما ينتقل إلى الناس بل ينقلها معه فتجر عليه الوحدة والغربة. أما (أجرجر) فلا أرى بها بأساً، بل أرى فيها بلاغة؛ فالجرجرة - كما نفهم من الأمثلة الواردة فيها - التحريك مع الصوت وهو نفس المعنى الذي يستعمل في العامية، واستعمال الفعل (أجرجر) في البيت، فيه تجسيم للوحدة إذ يشبه بالجسم الثقيل الذي يحدث جره صوتاً مزعجاً، وهذا يلائم المعنى، إذ يزيد الإحساس بالوحدة ضيقاً وثقلاً.
وتحياتي وأطيب تمنياتي للأستاذ الناصري، وأرجو ألا يضن عليه الدكتور ناجي بنسخة من (ليالي القاهرة)