هناك كلمة أقولها للصديق الكبير على صفحات الرسالة ولعلي قلتها له في معارض الحديث أكثر من مرة: إن هذه الدعوة التي يدعو إليها حق لا مراء فيه ولكن أين هي القوة المنفذة التي تستطيع أن تطبق الأحكام والنظم الإسلامية بدقة. وهل باستطاعتنا أن نخرج من الحدود النظرية إلى العملية في وقت تتولى السلطة فيه طبقات تحارب الإسلام لأنه يحاربها. . .؟ وهل بإمكاننا أن نقيم صرحاً متيناً على دعائم متآكلة وجدران متداعية؟ إن لحظة من الزمن وكلمة من لسان لا تستطيعان استخلاص الإسلام من الشوائب التي علقت به طيلة ثلاثة عشر قرناً، ولكن بعد أن تنقي التربة وتصفي المياه يمكن أن نعيد غرس هذه الشجرة من جديد وأن ننعم بظلها وثمرها.
ولعلي أتجنى على الأستاذ قطب بهذه الكلمة لأنه لم يغفل هذه الناحية التي تعترض طريق التطبيق بل ألح عليها كثيراً واستعرضها استعراضاً شاملاً وأهاب بالشعوب الخاضعة والجماهير المغلوبة أن تعيد غلى نفسها حقاً فرضه الدين وجحده المسلطون.
وبعد فقد قرأت للأستاذ قطب في معظم كتبه التي تفضل بها علي ورافقته في الكثير من إنتاجه؛ ولكني أحسست بعنف الهزة حين قرأت هذا الكتاب الجديد لأنه منطق الشعور العام لا منطق الأذناب والعبيد. . .
هذه كلمة لا أظنها تكفي لتسجيل ما في هذا الكتاب من قوة وتفكير وصدق وإيمان.