للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا كانت معك لم تكن بإخلاص وصدق، وإنما هي المطامع والمصالح. وما أضعف الصداقة التي تقوم على المطامع والأغراض!

وأخيرا أريد أن أقول في أذنك يا مصر إن الله في خلقه شوؤنا وأنه أعظم غيرة من كل غيور وأنه لا يعطي نعمة دينه إلا من يعظمها ويجلها ويقدرها حق قدرها، فإذا رأى منك استغناء عن الدين وما ينبئ عن احتقر لشأنه واستصغار لأمره وزهدا في الإسلام، وانصرافا عن خدمته وتقصيرا في أداء رسالته واعتزازا لمبدأ غير الإسلام وتشرفا بغير محمد عليه الصلاة والسلام أستغمى عنك - على مآثرك السابقة وثروتك الضخمة ومدينتك الفخمة - (سنة الله في الدين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) وجاء لخدمة الإسلام وقيادة الأمم الإسلامية بأمة لم تخطر منك إلى بال تعتز بالدين وحده وتتشرف برسالة الإسلام وتتشبع بحب محمد عليه الصلاة والسلام وتلتهب غيرة دينية وحماسة إسلامية وتجاهد في سبيل الله ولا تخاف لومة لائم، وإن الله تعالى حذر العرب الأولين وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم (فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين) وقال للمسلمين العرب (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) ولله جنود السماوات والأرض، وفي كنانة الإسلام سهام لم يرها أحد ولا تخرج إلا في وقتها. ومن يدري فلعل شمس الإسلام تطلع من المشرق وهذه أمم إسلامية فتية على سواحل المحيط الهندي وفي جزره تتحفز للوثوب وتتهيأ لقيادة العالم الإسلامي، فاحتفظي يا مصر العربية بمكانتك ومجدك ولا تأمني الأيام ولا تأمني مكر الله (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)

هذه تحيتي إليك يا مصر العزيزة فتقبليها، وهذه آمالنا فيك فحققيها، وكلمة مرة في الأخير فتحمليها، وهذه معذرتي إليك فاقبليها، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته

أبو الحسن علي الحسني الندوى

(نزيل مصر) القاهرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>