للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بردة. . .

بنو النجار الذين كانوا للنبي أنصارا، أولئك الذين رقت مشاعرهم، وأشرقت أساريرهم، ونعمت نساؤهم بالجمال والكمال، وعرفن بالظرف والرقة، والغزل والطرب. . .

بنو النجار الذين قال النبي فيهم (خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثمبنو الحارث، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير)

في هذه الجواء العاطرة بالمرح والنعيم، وفي تلك الأرجاء الحافلة بالبطولة والرجولة، وفي بيت بني مازن، نشأت أم عمارة، وكانت من ربات البيوت اللأئي أفضن على الأزواج والأولاد من إيمانهن بالله ورسوله، فاستنارت القلوب، وارتفعت الجباه، بما دعا إليه نبي الإسلام من توحيد الله، واتحاد العباد

وكانت أم عمارة إحدى اثنتين من نساء يثرب جاءتا في الحجيج إلى مكة قبل الهجرة، وبايعتا النبي فيمن بايعه ليلة (العقبة الكبرى) ويالها من ليلة مشهودة، أنبثق من حواشيها السود، طلائع النور في يثرب الفيحاء

وليس من الهين على التاريخ أن ينسى أم عمارة وأم منيع وهما اللتان ظفرتا ببيعة النبي، فقد أخذ عليهما من غير مصافحة، وأقرتا له فقال لهما: اذهبن فقد بايعتكن وذهبتا لتمهيد النفوس للبشارة المحمدية الصافية، ولاستقباله يوم يقدم المدينة مهاجرا من قريش التي أخرجته من مكة، ولولا أن أخرجوه لكان له المقام الدائم في بلد به بيت الله الحرام، فهو لذلك احب البلاد إليه، والصق الأوطان بجلده، وأعمقها أثرا في لحمه ودمه

وطلع البدر على يثرب من ثنيات الوداع، ونزل بدار (أبي أيوب الأنصاري) وتوافد المهاجرون إرسالا من مكة، واخذ كل أنصاري يستضيف اخاه المهاجر حتى ليكاد أن يشاطره ماله، وينزل له عن إحدى زوجتيه حبا وكرامة، ولم تنقطع جفان بني النجار خاصة والأنصار عامة عن منزل رسول الله. تطعم منها ويطعم البائس الفقير من أهل الصفة

يالها من اربحيه تهز المكارم الملية في نفوس الأنصار رجالا ونساء، شيبا وشبانا، سواء في ذلك الأوس والخزرج، وقد اعتصموا بحبل الله (ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم) وانقلبوا بعد العداوة والراوة إخوانا وأحبابا، ورفت على صدورهم نعمة الإسلام،

<<  <  ج:
ص:  >  >>