للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتضوعت بين أعطافهم رياحين الأيمان

في بيت من تلك البيوت، كانت شعلة الأيمان أسد توهجا، وأنصع بريقا، وكلما توالت الأيام، اتسعت آفاق الدعوة، وانتشرت أقطار الخير، على الرغم مما كان يبديه اليهود، ويخفيه المنافقون، وترجوه قريش

ولعل هذا الثلوث المعادي، كان العامل الأول في ازدياد عدد الأنصار، وإنقاذ جذوة الأيمان، واستعداد الكتائب لكل طارئ، وهم الذين بايعوا نبيهم على العسر واليسر والمنشط والمكره وقول الحق ولو كان مرا، لا يخشون في الله لومة لائم، ولا ينازعون الآمر وأهله

أيقن الأنصار أن قدوم النبي عليهم إنما فاتحة عهد جديد لهذا الدين الذي جاء ليشق بالمهاجرين والأنصار طريق الجهاد، وإنها لإحدى الحسنيين: نصر دين الله، أو استشهاد في سبيله، وكان ما كان من أمر النبي في غزوة بدر، حيث انتصر المسلمون وهم قلة في العدد والعدة

جاءت أم عمارة يوما تقول لرسول الله: ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى للنساء شيئا: فتلا عليها قول الله تعالى (إن المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، والقانتين والقانتات، والصادقين والصادقات، والصابرين والصابرات، والخاشعين والخاشعات، والمتصدقين والمتصدقات، والصائمين والصائمات، والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيرا والذاكرات الله، لهم مغفرة وأجرا عظيما)

ولزمت أم عمارة غرز نبيها الكريم، وكانت امرأة ضابطة جلدة، قوامة، لها من النفوذ والتأثير في بيتها وأهلها وجاراتها وصواحبها ما جعل الناس يتحدثون عنها كلما ذكروا خير نساء الأنصار، والسابقات منهن إلى الإسلام

ولم يكن ليفوت أم عمارة أن توثق صلتها بأهل البيت، بيت النبي الكريم، لترى عن كثب كيف تعمل فاطمة الزهراء بنت رسول الله، وسيدة نساء أهل الجنة، فاطمة البتول العابدة الزاهدة، ولترى فيها المثل الأعلى للمرأة المجاهدة بنفسها في سبيل الله. . ولتشهد مع هذا كله أمهات المؤمنين، وما ينعمن به عند الرسول الكريم من رعاية وعناية، وما يسعدن به من دون النساء من علوم الدين على يدي رسول هذا الدين

واستحوذت على أذهان نساء يثرب فكرة أخذت عليهن كل سبيل، فما وجدن عنها منصرفا،

<<  <  ج:
ص:  >  >>