ولا أردن عنها متحولا، وسرت هذه الفكرة بينهن غاديات رائحات، فأصبحت حديث الصباح والمساء، وكلما رأين رجالهن يدرجون في مراقي الجهاد سراعا، استصغرن عيشتهن هذه الضيقة، وكادت قلوبهن تطفر من أقفاصها لتنطلق كالسهام في ميادين الجهاد
هذه أسماء بنت يزيد الأنصارية تسأل رسول الله فتقول:
يا رسول الله: إن الله بعثك إلى الرجال والنساء، فآمنا بك واتبعناك ونحن معاشر النساء مقصورات مخدرات قواعد بيوت ومواضع شهوات الرجال وحاملات أولادهم، وان الرجال فضلوا بالجماعات وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم وربينا لهم أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟؟
عندئذ التفت النبي بوجهه إلى أصحابه من حوله، وقال: هل سمعتم مقالة امرأة احسن سؤالا عن دينها من هذه؟ قالوا: بلى يا رسول. فقال لها: انصرفي يا أسماء، واعلمي بأنك من النساء، أن حسن تبعل (ملاعبة) إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت للرجال)
وانصرفت أسماء وهي تهلهل وتكبر، استبشارا بما قال لها رسول الله، حيث لا زيادة لمستزيد. وترامى حديث أسماء إلى أسماع حزب النساء، فكان لهن من هدى الرسول نور يسترشدن به في هذه الحياة الأجتماعية، التي تزخر بالحيوية، وتفيضبالنشاط على غير ما كان معهودا في المدينة من قيل، بل ما كان ابعد نساء يثرب عنه، قبل أن تشرق عليهن شمس الإسلام، وقبل أن ينقشع الوخم والوباء عن الناس، ولولا دعوة النبي لها ما طاب بها مقام، ولا لذ فيها معاش
وأرادت أم المؤمنين عائشة أن تظفر بتصريح من زوجها النبي الكريم علها تأتي حزب النساء بجديد، يضاف إلى ما يشغل بالهن من أمر (جهاد المرأة)، فسألته ليأذن لها في الجهاد فقال: جهادكن الحج) وسألته غيرها من أمهات المؤمنين عن الجهاد فقال: نعم الجهاد الحج
هذا وفي رأس أم عمارة فكرة تكاد أن تنفجر ولكنها تستبقيها إلى حين، وفي صدرها وثبة إلى هدف كريم، وما كان أحرصها على الأستثئار به دون غيرها. . إنها آمنت وصدقت كل ما جاء على لسان النبي من القرآن والسنة. وهي امرأة من النساء وما قاله النبي لهن إنما يصدق عليها، فلا مفر من تسكين نزعتها المدوية بين جوانحها، ولا مناص من الإذعان