لوجه. ولسنا نعرف في أمة متحضرة مثل هذا التسول العلمي والأدبي الذي يلجأ إليه المؤلفون لدى ديوان العطاء الحكومي. . . فهل يتفضل معالي وزير المعارف فيحسم الأمر بهذا الاقتراح، وهو أحرص الناس على كرامة العلم والأدب)
هذا هو نص الاقتراح الذي تفتقت عنه عبقرية العالم الجليل السيد بدوي. . . اقرأه بعناية، ثم تقبل مني أحر الرجاء بأن تقف طويلا أمام تلك الكلمات التي تحتها خط، لأن مالك الحزين طيب الله ثراه هو الذي ضغط على يدي لتضع هذا الخط اللعين تحت تلك الكلمات. . أن العالم الجليل هنا يتحدث عن الحرية، ويتحدث عن الكرامة، ويلقي على الأدباء (المتسولين) درسا لن ينسى الدقة وروعة ألفاظه ومعانيه! هل تصدق إنني حين قرأت تلك الكلمات منذ بضعة أيام، قفز إلى ذهني خاطر عجيب هو أن السيد بدوي إنسان يستحق الاحترام؟ لقد قلت لنفسي يومئذ أنني استغفر له فضائحه العلمية التي هزت سمعة الجامعة، وسأذكر له غير أنه إنسان ينظر إلى الكرامة على أنها شعار كل عالم وأديب وما أجدر المفكرين الأحرار الذين عناهم العالم الجليل بكلماته وما أجدرهم أن يعوا هذا الدرس القيم ليحفظوا ماء الوجوه وإقامة النفوس، حين يبتعدون عن مثل هذا (التسول) والأدبي الذي يلجأ إليه البعض لدى ديوان العطاء الحكيم!
هذا ما قلته لنفسي يوم أ، وقعت عيناي على اقتراح العالم الجليل، وعلمت أنني ظننت أنه كريم جدا على نفسه، لا يرتضي لا أن تهبط هذا الدرك (الوضيع) الذي يهبط إليه غيره من الأدباء المقبولين، حين يجبنون على لقاء الجمهور فلا يجدون أمامهم من طرق الاستجداء غير وزارة المعارف. . . ولكن العالم الجليل قد خيب ظني في مثاليته، لأن هذه المثالية كانت حبرا على ورق، شأنها في ذلك شأن المعاهدات السياسية في هذه الأيام!
لقد قال حضرته للناشرين في كتابه (أر سطو عند العرب) أنكم جهلاء، ثم راح يرسم لهم الطريق، ثم ما لبث أن صافح الجهل وعانقه وقبل خديه في (الإشارات الإلهية). . وقال حضرته للمؤلفين في كلمته التي نشرتها (الأساس) أنكم غير كرماء، ثم ألقى عليهم درسا في الكرامة، ثم ما لبث أن قادته قدماه إلى وزارة المعارف ليطمئن على كتبه الغالية. . أعني ليتسول على حد تعبيره البليغ
لقد قلت لك أن هذا الدور الخالد - دور مالك الحزين - قد مثل من جديد ببراعة ليس لها