نظير. . . وصفق اليوم بقوة كما صفقت بالأمس، وإياك أن تستهجن حركات الممثل البارع فتملأ الجو بالصفير! أنه حظ سيئ ذلك الذي أوحى إلى العالم الجليل بأن يذهب إلى وزارة المعارف ليتسول على مرأى ومسمع من كاتب هذه السطور؛ حظ سيئ لأنه لم يكن يعلم أنني أعمل هناك، في تلك الإدارة المختصة بفحص الكتب والتأشير عليها بالرفض أو القبول. . وحظ سيئ للمرة الثالثة حيث حضر إلينا العالم الجليل في يوم الأحد ٢٥ فبراير، وحديثه عن التسول والمتسولين لم يجف له مداد!
أنها خمسة أيام فقط بين حديثه عن الحرية، والكرامة، والتسول العلمي والأدبي، وبين مجيئه إلى وزارة المعارف، وسؤاله عن كتبه التي رفضت، وشكواه إلى المسئولين من أن مواهبه الفذة لم تكن محمل رعاية وتقدير!!
ويا لها من لحظة تلك التي لن ينساها صديقنا الدكتور محمد يوسف موسى وغيره من حضرات الزائرين، حين تطرق الحديث إلى مقالات (الرسالة) و (الثقافة) حول الفضيحة العلمية التي هزت سمعة الجامعة. . . لقد كأن النقاش دائرا حول العالم الجليل حين فتح باب الحجرة، ونفذ منه رأس مليء علما هو رأس الدكتور عبد الرحمن بدوي! إلى هنا وأقف قليلا لأنقل إليك مشهدا من المشاهد يندر أن ترى له مثيلا على شاشة السينما أو خشبة المسرح، وأعني به مشهد الدكتور بدوي حين وقعت عيناه على كاتب هذه السطور. . . لقد أذهلته المفاجأة حتى وقف في مكانه من الحجرة حائرا لا يريم: لا خطوة إلى الخلف، ولا خطوة إلى الأمام، ولا كلمة ينقذ بها نفسه من بسمات الشفاه ونظرات العيون! هل رأيت في حياتك فأرا صغيرا قد أطبقت عليه مصيدة لم تكن له في حساب؟ إذا كنت قد رأيته فحسبك هذا الإيجاز وأعفني من مشقة الإطناب. . ولا أطيل عليك فقد أشفق عليه أحد الزملاء ونهض ليصحبه إلى الحجرة المجاورة، وهناك أخبره العالم الجليل يسبب مجيئه، وهو أنه أراد أن يطمئن على كتبه الغالية! وما كأن أخبث الزميل الفاضل حين لحق به ليقول له: لقد فحصنا كل كتبك يا دكتور. . حتى (الإشارات الإلهية)!
واترك هذا كله على رسالة للأديب الفاضل محمود أحمد الشربيني بكلية الآداب جامعة فاروق، حيث يوجه ألي فيها الكلمات: (أريد أن أسألك يا سيدي. . . إذا كأن هذا هو فهم الدكتور عبد الرحمن بدوي للنصوص العربية التي هي جزء من لغته ولغة أجداده، فكيف