ويعقوب. . . وهو لا يحمي إلا بني إسرائيل شعبه المختار. . وإذا كنت ترانا اليوم مشردين في أنحاء الأرض فما ذلك إلا لتجربتنا وامتحان إيماننا. . ولقد وعدنا الله أن يجمع شملنا في القدس مرة أخرى، ومنها سوف نبسط سلطاننا على العالم بأسره. قال اليهودي هذا وانفجر باكيا يريد الاسترسال في حديثه فقاطعه مبشر إيطالي كان حاضراً - إن ما تقوله غير صحيح. . وأنت إنما تنسب الظلم إلى الله بدعواك هذه. فالله لا يفضل شعبا على شعب وإنما يدعو الذين يبتغون الخلاص أن ينتموا إلى كنيسة روما الكاثوليكية إذ أنه لا خلاص لمن لا ينتمي إليها. وكان من جملة القوم قسيس بروتستانتي فساءه قول المبشر وقال له بصوت مرتجف - إن ما تقوله خطأ محض، فليس الخلاص مقصورا على اتباع كنيستكم، بل هو من نصيب كل من يخدم الله حسب تعاليم الإنجيل. هكذا قال السيد المسيح
وكان من بين الحاضرين تركي من موظفي الجمرك فنظر إلى هذين المسيحيين شزرا وقال بترفع - إن إيمانكم بالديانة المسيحية أصبح باطلاً منذ أن حل محلها الدين الإسلامي الحنيف. إن هذا الدين هو دين الله الحق وليس أدل على صحته من تلك السرعة الهائلة التي انتشر بها في ربوع أفريقيا وأوربا وحتى في بلاد الصين المستنيرة إنه لا خلاص إلا لأتباع محمد آخر المرسلين
وأثار قول هذا التركي ضجة بين الحاضرين فاشتبكوا في جدال حامي الوطيس. ولم يبق أحد لم يشترك في الجدال غلا رجل واحد صيني من تلاميذ كونفوشيوس كان قابعا في ركن من أركان المقهى يشرب الشاي ويصغي إلى ما يقوله المتخاصمون. ووقعت عينا التركي عليه صدفة فاستنجد به قائلا - أراك ساكتا لا تتكلم، ولكني أعتقد أنك في قراراتك توافقني على رأي. فأنتم معشر الصينيين على الرغم من كثرة الأديان في بلادكم ترون أن الديانة الإسلامية هي أفضل الأديان وتعتنقونها عن طيب خاطر. فهلا أنجدتني أبت لنا عن رأيك في الله وفي رسوله؟ فهتف الجميع قائلين - نعم، نعم، أسمعنا عن رأيك في الموضوع. . فأغمض تلميذ كونفوشيوس عينيه وفكر قليلا ثم فتحهما وطوى يديه على صدره وقال بصوت هادئ رزين:
(يبدو لي أيها السادة أن التعصب أو العصبية وحدها هي التي تحول دون اتفاق الناس في أمور الدين. سأروي لكم قصة توضح ما أعنيه)