للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من الحياة الدينية ومتممة للناحية المنطقية والفكرية في السلوك الديني.

وقد حلل روبرت سميث هذه الصلة بين الطقوس والعقيدة الدينية تحليلا في كتابه الشهير عن ديانات الساميين وسنده في ذلك بعض المحدثين من علماء الانثروبولجيا منهم (لووي) و (مانيلوفسكي).

فقد وجد روبرت سميت أن في اليهودية والكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية (الكنيسة البزنطية) ثروة من الطقوس والرمزيات، بينما خلت الديانة الإسلامية منها. اللهم إلا في ضحايا عيد الأضحى وبعض ما دخل على الإسلام من طقوس كتلك التي يمارسها في بعض المواسم الخاصة أتباع الطرق الصوفية. ومما لا ريب فيه أن هذه الطقوس لم تكن في صلب الإسلام وإنما وجدت سبيلها إلى بعض أتباعه عن طريق الديانات الآرية (الفارسية) والهندية. والطقوس في الديانات الآرية كالبوذية والبرهمانية والزرادشتية تؤلف عنصرا رئيسيا بارزاً في الحياة الدينية للجماعات التي تدين بها.

وخلاصة القول في تمازج العقيدة الدينية بالطقوس المعبرة عنها وتكافلها تضامنها في توجيه السلوك الديني - خلاصة القول أن الطقوس تختلف باختلاف العقيدة والمكان والزمان. وقد تكون هذه الطقوس في حياة جماعة الناس منسقة لها طابع تقليدي خاص يعبر عن روح الجماعة. وقد تكون فردية يصوغها المؤمن في قالب شخصي فتكون معبرة عن انفعالاته الخاصة.

وفي تاريخ الديانات صراع مزمن مستمر بين الطقوس التقليدية التي تعبر تعبيراً جماعيا (نسبة إلى الجماعة) وتلك التي لها طابع فردي ومن هذا الصراع نشأ الإلحاد والمدارس المتطاحنة التي عالجت مسألة الدين عقيدة وسلوكا. وهذا الصراع كان على نوعين:

إلحادي ينفر من الدين وينفر الناس منه. ونوع آخر إصلاحي أهدافه الخروج على التقاليد والسعي لصياغتها في قوالب تختلف باختلاف اجتهاد المصلحين في تفهم وظيفة الدين.

ومهما يكن من الأمر في هذا الصراع، فالذي يعنينا منه في هذه المرحلة من بحثنا هذا هو أن نقرر ما سبق أن قرره (ديركهايم) الذي لم يكن همه أن يتعرف على طبيعة هذه الطقوس الدينية بقدر ما كان يرجوه من إدراك لفحوى القيم الروحية والمعاني والمثل الأخلاقية التي تمثلها وترمز إليها وتعبر عنها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>