إن كان الجواب (نعم) فيجب أن يدرك القوم، وأن يدرك الأزهر ويعمل والإدراك أول مراحل العمل للتمكن من الوصول إلى هذه الغايات، وأن تمهد السبل لهذا الوصول.
هناك احتمال آخر، هو أن ما يقصد بالدين واللغة شيء، ومواطن الدراسة للدين واللغة شيء آخر، وأن الثقافة واللغة أمران اعم من الأزهر والمعاهد الثقافية. هذا الاحتمال أو الغرض يهمس به قوم ويجهر به أقوام. وهم يقولون إن الأزهر قام بواجبه في الأزمان الماضية في حدود إمكانه وفي حدود الحاجة التي كانت قائمة في تلك الأزمان، وأن الأزهر أدى رسالته في ظروف كانت الملاءمة قائمة بينه وبين بيئته وعصره. ثم تغيرت الأزمان، وقد يكون تغير الإمكان والقدرة أو تطورهما أقل من تغير الزمن وتطوره، وقد تكون الملاءمة الآن مع العصر غير قائمة أو غير كافية.
هذا الوضع، أو التحديد للمسألة، يهمس به قوم ويجهر به أقوام. فإن كان هذا التحديد صحيحاً معتبرا عند أهل الاعتبار ومن بيدهم توجيه الحياة العامة في مصر، فإني أعتقد أن الحرص على مقومات حياتنا وثقافتنا، وعلى الأهداف الهامة التي تهدف إليها مصر لتعزيز مكانتها، الحرص على هذا وذاك، يجب أن يكون مقدما على اعتبارات الرعاية والمجاملة.