أحمر قرمزي شديد. وتجنى الثمرة باليد انتقاء أو تترك حتى تسقط من الشجرة بهزها. وهي بعد ذلك تجفف بفرشها على الأرض في الشمس الحارة، وقد تترك حتى تجف على أغصانها. ثم يزال عن بذور البن القشر فالذي يليه من غشاء شديد اللصوق بالبذور كان لباًّ فجف وانضمر وذلك بالدق الخفيف في الهواوين، أو بضرب البذور بالمطارق. وحتى الفرك باليدين يكفي لتخريجها، وهذه طريقة اليمن وما جاورها من البلاد، ولكن بالبرازيل طرق أحدث من هذه لا تستدعي تجفيف الثمرة بل تدهك بالآلات دهكا فتفصل البذور بذلك عن لب الثمرة الطري.
ثم تحمص البذور على ما هو معروف في اسطوانات دوارة فوق النار فتفقد بذلك مقداراً من وزنها لا يزيد على الخمس، والمفقود ماء وبعض أبخرة تنشأ من تخلل الدهن والسكر الذي بالبذر وشيء من الأصل الفعال بالبن المسمى (بالقهوتين) وحرارة التحميص يجب أن لا تزيد على ٢٠٠ْ درجة مئوية بكثير وإلا فقد البن الكثير من عطره. وإذا انتهى تحميصه وجب الإسراع في تبريده. ثم يطحن بعد ذلك. ويجب أن لا يطحن البن بل ألا يحمص قبل طبخه بزمن طويل فإنه يفقد عطره سريعاً، ويجب كذلك حفظه في أواني مغلقة فإنه شديد الامتصاص للأبخرة والروائح كريهة كانت أو عطرة فيمتص رائحة الجاز والجبن الفاسد. وأهم أغراض التحميص اثنان: أولهما توليد الطيب فيه وتوليد النكهة التي تُشهَّي القهوة إلى النفوس، فالبن الأخضر خال منهما، وثاني الأغراض تهشيش الحب ليسهل دقه، فالأخضر جامد مستعص، والتحميص صناعة لا يَحذِقها إلا القليلون.
ويحتوي البن على مواد كيمياوية عدة منها عطر ودهن، وهو كالشاي يحتوي التنين والقهوتِينَ الذي إن شئت أسميته الكافيين وأن شئت فالشابين، وهو الأصل الفعال في القهوة والشاي كليهما، ومن أجله يُشربان، وهو لا يتغير في القناة الهضمية وإنما يمتص كما هو في الدورة الدموية فيذهب إلى المخ فيكون له الأثر المحمود على نحو ما فصل في مقالة الشاي السالفة: من زيادة في قوة الفكر وإصابة الحكم وامتلاك النفس، ولكن استحالة الأفكار إلى أفعال قد تتعطل به، فيعتري الإنسان ترددُ، وذلك ليقظة العقل الشديدة، ويزيد حس الإنسان بكل ما سر وساء، وهو ينعش الجسم ويزيل التعب عضلياً كان أو نفسيا، ويؤخر النوم ويدر البول. هذه بالطبع فوائد كلها قد تنقلب مضار بزيادة المشروب من القهوة،